خرج أسدٌ وذئبٌ وثعلبٌ إلى الجبال في طلب الصيد. لم يكن الأسد بحاجةٍ إلى مرافقةٍ من الثعلب والذئب ليمسك فريسته. وإن من كان في صحبة الأسد في صيده ضمن وجبةً من اللحم عشاءً أو ضحىً. ومع ذلك منح الأسد الثعلبَ والذئب شرف مرافقته على الطريق.
فلما سعت هذه الجماعة نحو الجبل، في ركاب الأسد، نجحت أمورها، فوجدت ثورًا، وتيسًا، وأرنبًا سمينًا وظفرت بصيدها جميعًا. لقد كان الذئب والثعلب على يقينٍ بأن صيدهما الناجح كان بفضل وجود ملك الغابة العظيم إلا أنهما أرادا رغم ذلك تقسيم الصيد بالتساوي. وحين علم الأسد بما يخالجهما من الوسواس، لم يفصح عن ذلك، ولزم نحوهما حينذاك جانب المراعاة والمداراة والحيلة. لكنه فكَّر في خلده: ماذا لو كانت قسمتي غير كافيةٍ لهما؟ ومن يا ترى سيتوافق تقديره للقسمة مع تقديري لها؟
وبينما كان الأسد يتأمَّل في هذه الفكرة استمرَّ في إظهار ابتسامته لهما. ثم طلب من الذئب أن يقسم الصيد تبعًا لمعرفته. أعطى الذئب الثور للأسد، بينما منح نفسه التيس قائلاً: التيس نصيبي، ورمى بالأرنب إلى الثعلب.
قال الأسد: "ماذا تكلمت أيها الذئب بحضوري؟ خبرني ماذا قلت!". وناداه، فلما دنا منه ضربه بمخالبه ضربة مزقت جلده وعظامه.
ثم التفت الأسد إلى الذئب طالبًا منه أن يقسم الصيد. أطرق الثعلب باحترام، ومنح الصيد كاملاً إلى الأسد علمًا منه بمن هو أحقُّ بالصيد، ومن يكون غير الأسد ملك الغابة. أجاب الأسد الثعلب بسرور: "لقد أقمت العدل بقسمتك أيها الثعلب: ممن تعلمت هذه القسمة؟". فردَّ الثعلب: "من مصير الذئب". فأجاب الأسد: "طالما أنك رهنت نفسك لمحبتي، خذ الحيوانات الثلاثة وامض في سبيلك. أنا لك وكل الوحوش التابعة لي لك: فلتنطلق إلى السماء السابعة ولترتقِ إلى ما بعدها"[40].
يمكن ضرب هذه القصة بمثابةٍ مثلٍ يصلح لكل الأحوال. إذا ما كان لبشرٍ أن يدَّعي هويةً منفصلةً عن الله مثلما فعل الذئب عاد عليه ذلك بالويل والدمار. لكن الثعلب الفطن بتخلِّيه عن كل مطالباته بوجودٍ منفصلٍ عن الأسد حظي بكل ما أراد.