من عادتي ترتيب الصباح
مثل بستانيّ مصاب بالخرف
من عادتي وضع فنجان القهوة
بشكل
كارثيّ
علي حافة المرمدة
تدخين السيجارة بالمقلوب
والتساؤل أكثر من مرّة
عن السبب
الحقيقيّ
في أن يأتي الصباح
مكللا بكلّ هذا الضوء
لا تسبقه
سوي فضيحة أشواك
مصابة بعادة الوضوح.
2
تلك الأنفاس
الملتصقة في رهبة بزجاج النافذة
تلك الشراشف
المرتبكة الأوضاع فوق سرير النائم
ذلك الدولاب
المتحامل علي نفسه
من أجل أن يتعامد مع الجدار
وذلك السقف
الذي يحلو له أن يتشابه
مع مرآة البهو.
مخلوقات تجهد نفسها
بإقناعك أحيانا
بأنّ ما من حاجة لمغادرة
الغرف.
3
في السابق
كان بإمكانك أن تكون جدّيا
و صالحا لشيء
مثل فزّاعة الحقل
حين هجرها الحصادون
وعادت ملهاة للأولاد.
الآن،
صرت أعمي القرية
الذي يتمتم
فيما يقعي بجانبه المساء.
4
لم أكن سيّئا إلي ذلك الحدّ
كانت يدي
قد ألفت ليّ عنق الفطنة
قبل مصافحة اليأس
وزرع الشكوك في الأسرّة
قبل
انهيار النوم
من الطابق العاشر لليقظة.
ففي الغرف المنسية
عادة ما نصادف الشخص
الذي يدير وجهه
باتّجاه الجدار
وبمودّة رفيق الطريق
يديم النظر
فيما يُظنّ أنّه النافذة
أو أيّ مكان آخر
في حاجة ما، إلي الأفق.
5
كان علي هذا العالمت
أن يكون مجرّد غرفة
بنزيل مغروز مثل مسمارت
في حائط،
بلا شرفة، وبلا جيران.
سوي
صورة شخص ينظر عميقا
باتّجاه الجدار.
6
أبسبب أعشاش الطيور
أم بسبب المستظلّين
أم بسبب الوقوف
امتلكت هذه الشجرة العالية
هذا القدر من الحنوّ؟
7
الحياة قد لاتعلّمك
كيف تروّض الأفعي
في أسرّة الآخرين.
الحياة قد لا تعلّمك
كيف تعبّ السمّ
من أقداح الآخرين.
الحياة خطيرة
ياصديقي
لا تعلّمك
سوي شحذ مزيد من السكاكين
بشريان الوقت
الحياة يا صديقي
خطيرة جدّا
إلي حدّ أنّ الموت
قد يصادفك في أحدت
الممرات
في هيئة شخص أليف
فتخاله أكثر أمانا.
8
بالأبيض و الأسود
التزم الصمت
وأنت تستعرض تاريخا كاملا
من خيبة الأعضاء في تحديد وجهة أخري
للماضي
التزم الصمت
واشرب كأسك العاشرة
بلا خوف
أو تردّد
إنّ من شأن ذلك
و أنت في عتمة الكونتوار
أن تمرّ الأحداث
بالسرعة الكافية، دون أن يؤذي
ذلك منسوب
الحنين لديك.
9
كلما
مشي الراجل نحو ظلّه
امتدّ الليل خطوة أخري
ثمّ هكذا
في بئر حياته يرمي الكائن
أحجاره مرّة واحدة
ليقضي عمره
ستكون هنا
>>>
10
بألم شديد
ستكون لك في الوليمة
الأخيرة للغبطة
أسنان شاعر مسوّسة
من أجل قضم تفاحة الحياة
وستكون لك
مثل رسائل منسية
في حقيبة ساعي البريد
المنشغل بمرآي النسوة العائدات
عن هزيمة المساء،
وبشرب الشاي
في قارعة الطريق
المؤدّية للنسيان
وبألم شديد
ستكون هنا، في الغرفة
المعرّضة لتأنيب الجدران
ولمجري هواء
ليس همّه سوي إزعاج النوافذ.
11
من كوابيس الوردة
في المنام
مقصّ بستاني.
12
العالم هو العالم
إلي عبد الرحيم الصايل
من أجل حياتنا الخاطئة
من أجل قمصاننا المبتلّة بعرق الكوارث
من أجل أعمدة الضوء المصابة بصمت الشوارع
من أجل نوافذنا المصوّبة باتّجاه الدواخل
ومن أجل البيوت
و الأسرّة
و المنامات
والنائم الذي يعدّ في أحلامه ما تبقي من خسارات
ثمّة ما يوحي
بأنّ هذا العالم قبل أن يكون
كان أيضا هو العالم.
13
عالق
أنا هنا،
لماذا النوارس في حاجة إلي سماء أخري؟
14
كلّما تملّكتني الرغبة في التيه:
تسكّعتُ في الشوارع الخلفيةت
وأسير واثقا من رائحة الظلمة
التي تقودني
مثل ذئب أغبر
إلي مصيدة العدم.
15
عواء مغربي
عندما أستفيق وحيدا في غرفة الذئب
تنبت ليت
أنياب النافذة
ويتعالي الشرّر
من خلف الدولاب
وأري من بعيد
علي حافة المشجب
قمرا يتواري من هول المشهد
وأسراب
الطيور الهائجة
تكاد تلامس شراشف السرير
حينهات
أشرع في العواء
وشيئا فشيئا
أتوغّل في الغابة
( عووووووووووووووووووووووووو )
16
..وفي الاستعارة الأكثر غموضا
لم نعثر علي ساعي البريد
الأسود
ولا الحقيبة الجلدية
الحائلة اللون
ولا المريالات البيض
التي تسكن
حبل غسيل الأمل،
وحتي المظروفت
من فرط فرْكه،
لم نعثر
أيضا علي العنوان الجديد
للجحيم.
17
مسالما
و بقميص مبقّع بالنبيذ الأحمر
يبدأ صباحه...
كان في الأمس، تحت الظلال.
الشموس تعبر بجواره
و هو بالكاد لا يبالي...
عينه ما زالت تحفر في الكون.
هسيس الأخاديد العميقة
يتعالي ويصمّ سمع الجدران
هو بالكاد لا يبالي...
الأنفاس
المتصاعدة الآن
المغني
الأدرد، المحطّم الأسنان.
18
متسكّعا في مقاهي المدينة
أوزّع حزني الأبيض علي واجهات
النيون
بي مزيد من حركات الوعول
وحكايات الأقزام
فرط انتباه، لما كان، و ما ينبغي أن يكون
أو ثرثرة تبغ محبوس
تحرّره نفثة دخان....
وما تبقي لدي
سأتركه لغيبوبة الليل.
19
كان ذلك فيما مضي،
كنت أعرف الطريق من نوع الأحذية
و الأحذية من قدمي
التي لا تكفّ عن السير.
كان ذلك فيما مضي،
حين كنت أمشي
حيث لا تسير الطريق
20
من يرشدني إلي تلك المرآة التي تعكس صورة شخص غيري؟
لقد تربّصت كثيرا بالضوء
في غرفة الرسّام الهولندي
أغفيت قليلا
ومثل مساء مفعم بخطيئة اليأس
جمعت أغراضي بدربة عابر محترف
ورحت أتأمّل من نافذة الأفق
ماذا يعنيه
انكسار الظلّ
في الممرّ الخالي من الخطوات.
21
أنا
معتوه العائلة
خائن الحقائب و المظلات
مهرّب الأقفال
مزوّر الخرائط السرّية
للمطر
أنا
لست أحد
أنا نسيان عابر
في غرفة مهجورة
ومن زمان
زمان، صفقت البابمن ورائي.
22
سأعود بالثمرة إلي الشجرة
والشجرة إلي البذرة
والبذرة إلي التربة
و التربة إلي يد المزارع الطيّب
وسأترك الحطاب
بعيدا هناك
يفرك وحيدا أصابع العزلة.
23
بسبب الوقت
نسبّ يوم الأحد بجريرة الاثنين
نلمّ علي مهلت
ماتبقي من فتات علي مائدة العمر
ودون كثير من الأسف
نرمي كلّ شيء
في سلّة اليأس.
ما يشبه ديناصورا في غرفة النّوم
صباح عدميّ
مثل حجر في بئر الكون.
24
صباح
ثمل
بما يشبه ديناصورا في غرفة
النّوم
صباح مهمل كقشرة موز
صباح متعنّت كمسمار في جدار
صباح راكع وخنوع
مثل دفّة باب مخلوع في يد
بائع المتلاشيات
صباح سيئ النيّة يكيل الشتائم
للمارّة
والواقفين في محطات الباص
>>>
صباح كغيره من الصباحات
أستبدله
بوفرة مثل قفازات الزبالين.
صباح
غير شعريّ بالمرّة
صباح
كتعويذة
في فم متسوّل
صباحٌ
مؤلمٌ
يشبه مفتاحا مكسورا
في قفل
مغروز في باب
لا وجود له.
صباحٌ
متسكّعٌ
كقطعة بلاستيك
فوق سلك كهرباء.
صباحٌ
بمذراة حصّاد
صباحٌ
بقلنسوة سارق
الأعشاش.
صباحٌ
بمصباح يدويّ
صباحٌ
بنظّارات سوداء
بعكّاز
أو حيطان.
>>>
صباح
أعمي.
25
نافذة سيجموند فرويد
فيم تفكّر النافذة
حين ينشغل الشارع
بضجيج السّابلة
وماذا في وسعها
أن تبوح به
ساعة يتعطّل الشارع
أو ينغلق النّهار
آه،
كم أنا غافلٌ
عن الأسرار المعلنة
للنوافذ
بي شيءٌ
من غريزة الأبواب
وقليل
من لاوعي الحيطان.
ويوم الاثنين بجريرة السبت.
بسبب الوقت
نقشّر علي مهل
برتقالة الوظيفة، وبسبب الوقت
جوقة عميان، خذلها
لروحي.
و هناك أتدثر جيّدا بشكّ اليقين
مصدّعا
بهذا الصدي.
كان علي هذا العالم
أن يكون مجرّد غرفة
بنزيل مغروز مثل مسمار