بيوغرافيا الانتظار
الدروبُ التي
تنفخُ فيها عيوني إلهاً،
ستُقِلُّكِ.
هكذا، آن وصولي، أوشوشني
ناتفاً على صدر الأفق
حمائمَ النظرات.
الأفقُ الأبكمُ
إنه يدُ الرغبة
مجمَّداً يعاندُ رأسي المعصوبَ بالحديد
وأنفاسي / الفِخاخَ.
كيف وصلتُ؟
الوقتُ
وأنا أهفو إليكِ
كيف سقط مني؟
وحدي أُصيخُ السمعَ إلى وَقْع عزلتي
في أقدام الساعة
وإلى الانتظار؛ إذ يعضُّ الأحلامَ
ويشرّدُ الأشجارَ التي تحفُّ بي
عن أفيائها.
أُصيخُ السمعَ إليَّ
وكَمن ينادي عليكِ، لا باسمكِ، أصرخ.
أنا الذي كان يقول:
في انتظاري أنتِ
لتكنسي الملوحةَ عن آدِمةِ الأشياء
وتغسليني مني
لأكبر
فأغدو طفلاً.
مغتاظاً من ذكريات يديّ جئتُ، أُقسِمُ لكِ.
لا سلاماً بقيتُ في إثري
ولا العناكبُ وضعتْ عن صوتي بيوتَها.
في سرعة ضحكةٍ جئتُ
في ثِقَل بكاءٍ توقفتُ
لأساومَ على الجهات
الجهاتِ الهادئةِ،-
كم تذكّرني بأيام الجُمَع في القامشلي
بكلماتكِ؛ وكيف كانت تجرجرُ
زَحْفاً على ظلالها
شفاهي الغجريةَ.
هكذا، وتحت وَقْع سياطِ الجهاتِ
وأحمالِ الدروبِ
أدخّنُ سُبْحةَ الأسئلةِ
لفافةً..لفافةً؛
أَوَليستِ الأسئلةُ توائمَ الانتظار.
كقبرِ أثيمٍ
تضّيقُ عليَّ المكانَ
وفيما الوقتُ جريحٌ، تستودعني
كَنَفَ الصمتِ.
لا، لستُ الوحيد فحسب
المدينةُ، بِرُمّتها، مستعصيةٌ في انتظاركِ
ويداي كذلك..
يداي المستدينتان من عنادي السنونوَ.
والنظراتُ
تظل راشحةً، إذ تزورُ الأفقَ..
النظراتُ المغتاظة مِن (نيوتن)
إنها رصاصاتي الأخيرةُ،
فأُقيمُها طاولةً ذات قائمٍ واحد،
أفرِشُها وقتاً..
وأنتِ
كعادتك لا تجيئين.
ألوكُ النظراتِ في غيظ
أحرثُ وجهي
أنهضُ كأنّ شيئاً لم يكن
لأحصي خطى ظلّي
وكذلك خطاهم- المقبِلين في عجالةٍ..
يُقبِلون أفواجاً، لا أدري
لماذا يخلعون وجهكِ.
رغبات شاعر
طفولتي
كم أصبو إلى كتابة قصيدةٍ فيها، في أمي
وهي تجسُّ حجارةَ تنّورنا
متعوّذةً عليها، وحيث تتّهمُ بالكسل
دِيَكةَ البيت.
قصيدةً في أمي، رائعةً مثلها، أريدُ.
ماذا يمكن أن يؤتى الرّوعةَ مثل أمي
سوى قصيدةٍ فيها؟ لذا، تحدوني رغبةٌ
في كتابة قصيدةٍ..
في الإفصاح عن كل شيّ
وتقصّي كل شيء - لا؛ فقط ما لا علمَ لي به
أريدُ أن أعلم.
أريدُ قصيدةً بعمق بكاءٍ
تحيلُ انكساراتي مَزاراً
وتوشوشُ الجرحَ: موجودٌ هو الغدُ.
قصيدةً
بشموخ جبالنا
بسيطةً مثلنا..
وتكون عالماً آخر - هو حلمُنا المرجوُّ.
قصيدةً
هي ردّة فعل على القسوة هذي
فنغدو - نحن والأفق، جيراناً.
والليلُ
هذا الدارجُ بطيئاً.. بطيئاً...
قصيدةً
تُكهرِبُ عتمةَ الليل
أريدُ.
مِراراً أريد لقصيدتي الحُبَّ، الجنونَ، البكاءَ
والتنزُّهَ معكِ.
كَفردٍ منكم، لا مثلكم، أريد أن أتلو قصيدتي
بِحُرّيةٍ كالشعراء جُلِّهم، أريد أن أتلوها
بمصاحبة الموسيقا..
على منبر.
أريد أن أكون
شاعراً كردياً.
الليلةَ
وفيما العتمةُ مسعورةٌ
تأخذ السماءُ في الدنوّ
والنجومُ المتناثرةُ تغورُ
مبتعدةً، كالأمنيات، أكثر فأكثر.
وأنا متسائلٌ، أَوَليسَ الشعرُ تساؤلاتٍ.
كذلك يقول الشاعر الكردي
تاركاً البابَ مفتوحَ الدلالة.
أريد أن أسأل عمّا سألتُ..
الأسئلةُ
أبتغيها لي مرايا
وأبتغي الأجوبةَ مرايا لكم.
كسولاً كنهرٍ في الصيف
جامحاً، مثله، في الربيع
حزيناً عند السدود
ومثله مجنوناً؛حين ينحدر من شلال ما.
بإيجاز:
أريدها- قصيدتي، منعتقةً..
جارفةً كلَّ ما تأتي عليه.
وأنا كذلك
لها - إن كنتُ فائضاً عن الوجود - أن تجرُفَني.
كنهر
أريد لِذاتي بُدّاً..
كقصيدةٍ.
كم أريد
وكم الأمنياتُ، صيفاً، آمالُ الزهر
فأستأجر ريحاً ما
وبسجائري أثقبُ عزلتي،
قادمٌ لأقرأني.
أريد
كم أريد - ولو مَرّةً - ألّا أريد.