بدوي يبحث عن بلاد بدوية
أيها الفراشُ الباردُ والمظلم كالزقاق
آه كم أتمنى لو أشجكَ بفأس
أين الشفاهُ التي قبلتها ؟
والنهودُ التي داعبتها ؟
كأنَ القدرَ يصوبُ مسدساً إلى ظهري
ويسلبني كلَ شئ في وضح النهار .
آه كم أتمنى ... لو أستيقظُ ذات صباح
فأرى المقاهي والمدارس والجمامعات
مستنقعاتٍ وطحالبَ ساكنة
خياماً تنبحُ حولها الكلاب
لأجدَ المدن والحدائق والبرلمانات
كثباناً رملية
آباراً ينتشل الأعراب ماءهم منها بالدلاء .
آه كم أتمنى لو أكونُ في قرية بعيدة
على سريرٍ غريب
وتحتَ سقفٍ غريب
وامرأة عجوز لم تقع عيناي عليها من قبل
تسألني ,
وهي تعصرُ منديلها المبلل فوق جبيني :
من أي بلاد أنت يا بني ؟
فأجيبها والدموعُ تملأ عيني :
آه يا جدتي .........
المصحف الهجري
على هذه الأرصفةِ الحنونة كأمي
أضع يدي وأقسم بليالي الشتاء الطويلة :
سأنتزعُ علم بلادي من ساريته
وأخيط له أكماماً وأزرارا
وأرتديه كالقميص
إذا لم أعرفْ
في أيِّ خريفٍ تسقطُ أسمالي .
وأنني مع أول عاصفة تهبُ على الوطن
سأصعد أحد التلال
القريبة من التاريخ
وأقذف سيفي إلى قبضةِ طارق
ورأسي إلى صدر الخنساء
وقلمي إلى أصابع المتنبي
وأجلس عارياً كالشجرة في الشتاء
حتى أعرف متى تنبتُ لنا
أهدابٌ جديدة , ودموعٌ جديدة
في الربيع ؟
وطني أيها الذئب الملوي كالشجرة إلى الوراء
إليك هذه " الصور الفوتوغرافية "
للمناسف والاهراءات
وهذه الطيور المغردة , والأشرعة المسافرة
على " طوابع البريد "
اليك هذه الجحافل المنتصرة
والجياد الصاهلة على الزجاجٍ المعشق
ووبر السجاد
اليك هذه الأظافر المدَّخرة
في نهاية الأصابعِ كأموال اليتامى
بها سأكشطُ خطواتي عن الأرصفة
سأبتر قدميّ من فوق الكاحلين
وألقي بهما في الأنهار
في صناديق البريد
وأظل أقفزُ كالجندب
حتى يعود عهد الفروسية
والانذار قبل الطعنة .
جزر أمنية
أظافري لا تخدش
أسناني لا تأكل
صوتي لا يسمع
دموعي لا تنهمر
أليست هذه بطالة مقنعة؟
***
الكل يقلع وأنا مازلت في المطار.
***
كل جراحي اعتراها القدم، وأصابها الإهمال
لم تعد دماؤها قانية
ولا آلامها مبرحة
ولا طعمها مستساغاً
ولا عمقها مقنعاً
الوحدة، الحرية، اليمين، اليسار، فلسطين، العراق، العرب،
العجم..
يجب إعادة جدولة همومي.
***
حافة القبعة تؤثر في رأس بوش الابن والأب والعم والخال
والخالة، أكثر مما تؤثر فيه كل المهرجانات والمسرحيات والمعلقات
العربية المعاصرة والجاهلية.
***
إنني أسمع بالعلق، ولكنني لم أره في حياتي!
من يمص دمي إذاً؟
***
لا تنحن لأحد مهما كان الأمر ضرورياً
فقد لا تؤاتيك الفرصة لتنتصب مرة أخرى
***
لماذا تنكيس الأعلام العربية فوق الدوائر الرسمية والسفارات
والقنصليات في الخارج، عند كل مصاب؟
إنها دائماً منكسة!
***
قد تحترق وتتصحر كل الغابات والأدغال في العالم إلا الغابات
والأدغال التي يعيش فيها المواطن العربي.
2
هل أبكي بدموع فوسفورية
حتى يعرف شعبي كم أتألم من أجله؟
***
خمسون عاماً وأنا أترنح
ولم أسقط حتى الآن
ولم يهزمني القدر
إلا بالنقاط والضربات الترجيحية!!
***
اتفقوا على توحيد الله، وتقسيم الأوطان.
***
كل السيول والفيضانات تبدأ بقطرات تتجمع من هنا وهناك إلا
عند العرب
يكون عندنا سيول وفيضانات
وتنتهي بقطرات تتفرق هنا وهناك.
***
أخي السائق:
لا تستعمل الزمور إلا في فترة الامتحانات،
أو التحضير لها.
***
الكل متفقون على بيع كل شيء
ولكنهم مختلفون على الأسعار!
ماذا أفعل بحصتي من فلسطين؟
هل أشتري بها شهادة استثمار؟.
***
عندما يتناول الصحافيون والإعلاميون العرب أي موضوع ولو
كان عن كسوف الشمس وخسوف القمر أو سقوط أحد المذنبات
المجهولة، لا بد وأن يتملقوا حكامهم، ويظهروا للقارئ أو للمستمع
دوراً لهم مهما كان صغيراً في هذه العجائب الكونية.
***
بعد اتكالنا على الغير في كل شيء سياسياً واقتصادياً وثقافياً
وحتى طائفياً قد يأتي يوم نعتمد فيه على غيرنا حتى في الإنجاب.
***
الصمود والتصدي:
صمود على الكراسي
والتصدي لكل من يقترب منها.
***
3
في الخمسينات والستينات كان السؤال الملح على الكاتب: ماذا
سيعطي لوطنه؟
أما السؤال الآن فهو: ماذا سيأخذ منه؟
***
حتى النسر يتثاءب في الفضاء
إذا كانت رحلته طويلة، والمناظر متشابهة من حوله
الحصار
دموعي زرقاء
من كثرةِ ما نظرتُ إلى السماء وبكيت
دموعي صفراء
من طولِ ما حلمتُ بالسنابلِ الذهبيةِ
وبكيت
فليذهب القادةُ إلى الحروب
والعشاقُ إلى الغابات
والعلماءُ إلى المختبرات
أما أنا
فسأبحث عن مسبحةٍ وكرسيٍ عتيق ....
لأعودَ كما كنت ,
حاجباً قديماً على باب الحزن
ما دامت كل الكتب والدساتير والأديان
تؤكدُ أنني لن أموت
إلا جائعاً أو سجيناً .
خريف الأقنعة
أيها المارة
إخلو الشوارعَ من العذارى
والنساء المحجبات....
سأخرجُ من بيتي عارياً
وأعود إلى غابتي .
محال .. محال
أن أتخيل نفسي
إلا نهراً في صحراء
أو سفينةً في بحر
أو.... قرداً في غابة
يقطف الثمار الفجة
ويلقي بها على رؤوس المارة
وهو يقفزُ ضاحكاً مصفقاً
من غصنٍ إلى غصن .
أنا لا أحمل هويةً في جيبي
ولا موعداً في ذاكرتي
أنا لم أجلسْ في مقهى
ولم أتسكعْ على رصيف
أنا طفل
ها أنا أمدُ جسدي بصعوبة
لأدفن أسناني اللبنية في شقوق الجدران
أنا شيخ
ها ظهري ينحني
والمارة يأخذون بيدي
أناأمير
ها سيفي يتدلى
وجوادي يصهلُ على التلال
أنا متسوِل
ها أنا أشحذ أسناني على الأرصفة
وألحق المارة من شارع إلى شارع
أنا بطل ... أين شعبي ؟
أنا خائن ... أين مشنقتي ؟
أنا حذاء ... أين طريقي ؟
الغجري المعلب
بدون النظر إلى ساعة الحائط
أو مفكرةِ الجيب
أعرف مواعيد صراخي .
وأنا هائمٌ في الطرقات
أصافح هذا وأودعُ ذاك
أنظر خلسةً إلى الشرفاتِ العالية
إلى الأماكن التي ستبلغها أظافري وأسناني
في الثوراتِ المقبلة
فأنا لم أجعْ صدفه
ولم أتشرد ترفاً أو اعتباطاً
"ما من سنبلةٍ في التاريخ
إلا وعليها قطرةٌ من لعابي " .
أعرف أن مستقبلي ظلام
وأنيابي شموع
أعرف أن حد الرغيف
سيغدو بصلابة الخنجر
وأن نهر الجائعين سوف يهدرُ ذات يوم
بأشرعتهِ الدامية
وفرائصه الغبراء
فأنا نبيٌ لا ينقصني إلا اللحية والعكاز والصحراء
ولكنني سأظل شاكي السلاح
في " قادسية العجين "
في " واترلو الحساء " التي يخوضها العالم
هكذا خلقني الله
سفينةً وعاصفة
غابةً وحطابا
زنجياً بمختلف الألوان كالشفق , كالربيع
في دمي رقصة الفالس
وفي عظامي عويل كربلاء
وما من قوةٍ في العالم
ترغمني على محبة ما لا أحب
وكراهية ما لا أكره
مادام هناك
تبغٌ وثقابٌ وشوارع....