جيتون كلمندي
تعال إلى نافورة العطش.. وانتظر
ترجمها إلى العربية : ياسمين العاني
جيتون كلمندي..شاعر ألباني مقيم في بروكسل، تُرجمت قصائده إلى أكثر من 22 لغة ، ونُشرت في العديد من المختارات الأدبية العالمية، في رأي عدد من النقّاد الغربيين يعتبر كلمندي ممثلا ً حقيقيا ً للشعر الألباني و أحد أهم شعراء ألبانيا المعاصرين، صدرت له ثماني مجموعات شعرية، ومسرحية درامية، وكتابان في العلوم السياسية، كما صدرت عن كتاباته تسعة كتب بلغات مختلفة، وهوعضو في جمعية الصحفيين المحترفين في أوروبا، وعضو أكاديمية العلوم والفنون بباريس، وحائز على الجائزة العالمية القيـَـمة (SOLENZARA) باريس ، فرنسا.
شيء من التأريخ
.................
وها قد جاء وقت ٌ
محيّر كالبهجة
ولا أحد يمكن أن يميز بياضه من سواده
لم نستطع أن نجد أنفسنا
ولا أن نراها ولا حتى أن نلتقي بها
أو ربما قد فقدناها
لقد أُعطينا حصصا ً من كل شيء
قليلا ً من الخوف
و مقدارا ً من الشجاعة
و بعضا ً من الحزن ، والفرح أيضا ً
قليلا ً من كل شيء
لقد حاول أن يقنعنا بمعنى الحرية
وهلم جرا..
وقد وضع شيطانا ً
وهو التفاؤل
ليجعل الأمور معلّـقة
و يحتفظ أكثر بالوقت
وقد لوّنَنا باللون الأحمر وذهب،
لكن للأسف ، أياً كان فأنه لم يصل
وهذا ما يدين لنا به !
حزيران 2000 ، بيجا ، كوسوفو
جذور في القلب
...........
خلف الحدود
عند قبر جندي ٍ مجهول
اعتقدت بأن هنالك شخصٌ ما يناديني
لكنّي لا أتذكر أي شيء اخر
فقط أتذكر أغنية حراس
الوطن
وهم مغمورين في الشتاء القارس
أحسستُ بصوتٍ من الأعماق
يا وطني
في كلّ وقت أحببناك فيه
كنّا نموت قليلا ً..!
جذورك موجودة في سابع طبقة
من القلب
في المستوى السابع من الألم
أعطني قليلا ًمن طقسك الجميل
يا وطني
لأتمكن من خداع الحُلم
فقد خسرنا أغانينا على الطريق ، أغاني المرتفعات
مخطوطة
.........
ليس مضيئا ً كالقمر
ولا حتى هادئا ً كالقصر
إنهم يقولون
بأنها قد أتت من بعيد
الأحجية الأكثر غموضا ً
و الشفرة لم يتم العثور عليها بعد
خلال نموها ، يصبح شعرها أكثر بياضا ً
و يا لها من رؤية
حيث تظهر في سطوري
وكأنها النسخة الوحيدة التي لا تضاهى
في الشتاء مع شَعر خفيف
يتحدثون بلغة مناقضة للرموز المتعارف عليها
تماما ً مثل أنتايوس*
و بروميثيوس*
يتحدثون عن بعض من ملح الحب
كثيرين منهم لم يقوموا بنشره
لكن كتابات اليوم
هي فصولهم
و شتاؤنا
هو مخطوطتنا المجنونة
* آنتايوس و بروميثيوس "Antheus & Prometheus"من جبابرة الميثولوجيا الأغريقية .
للتشجيع
.................
في يوم ٍ ما
سيأتي يوم لي
إذا كان بالفعل كما يقولون
هناك يوم خاص لكل شخص ٍ
وأنا سأعرف كيف يمكنني أن أرحب به
بعدها ستصبح الأرض وفيرة بالخبز
والجداول ستصبح وفيرة بالمياه
وبذلك سيتم ملء جميع الثغرات
لكن للأسف
الذي يجب القيام به
هو أن نفقد الثقة بالغد
مؤسف جدا ًسيكون ذاك اليوم
،
فيينا ، صيف 2006
دراما
...........
المشهد الأول
..
ربما
فكرت فيه كثيرا ً ليلة أمس
كيف أنك لم تستطع أن تتذكر
ما هو الخط الفاصل بين
الحزن والفرح؟
كيف يمكننا أن نأخذ طريقا ً مختصرا ً
لهذا الطريق؟
المشهد الثاني
..
ربما
غدا سيكون عددنا قليلا ً جدا ً
تعال إلى نافورة العطش
وانتظر
جميع الذين يصلون مبكرا ً،
ذلك الذي لن يصل ابدا ً..
هو ملكي !
المشهد الثالث
..
و اليوم
حيث لا أحد يصل في الوقت المحدد
اشترِ بطاقة الرحلة التي بلا نهاية
و في كل محطة من محطات الكتابة
ستجد فارزةً
لك َ
و علامة أستفهام ٍ
لي.
خـُذ معك المسارات
.......................
ذهبت ُ حول الفكرة وذهبت ُ
دون أن أعرف من أين المخرج
الصمت و الحُلم لم يساعدوني قط
احفظ الذكريات
خُذ معك جميع رحلاتك َ
خذ معك الأفكار مثلا ً
خُذ معك َجميع المسارات ، التي من خلالها
أتيت َو ذهبت َ
خـُذ ليلة الثلاثاء ، وأجلبها لي
لأحكم فيها
وضوء القمر اللعوب الذي يحول شَعرنا
للأبيض
خُذ كلّ شيء ٍ، تحت مظلّة عيناي
و أجمعها كلها
لتعطيها إشارة مبهمة
و لتصبح أطلال الفكرة متحفأ ً للذكريات
أغلق كل شيء لأجل أن لا يخطفه النسيان
أغلق كل شيء في داخل نفسك ، وفي داخلي.
......................................................................................
تحت ظل الذاكرة
..............
لقد قلت لكِ شيئا ً منسيا ً
ولا يمكننا حتى أن نستدعيه غدا ً
إن النسيان قد تقدم به العمر أكثر وأكثر
عندما غادره الصمت
أنا بإنتظارك
عند البلوط المجفف بأشعة الشمس
في طابور ٍ مع الشّعر
المعلـّق على قمة أشواقي
في المكان الذي ينتظر فيه الحبيب حبيبه ليأتي
جلست ُ هناك لأستريح
حتى غادر الخريف و أضيئت الأنوار
فقد كنت أحاول
أن أقول لك ِ شيئا ً واحدا ً فقط
تموز 2004
............................................................
الحب يستأجر بيتا ً
................
في اللحظة التي ستراه فيها
سيكون الحب في بيته
منغلقا ً على نفسه في زاوية واحدة
ويقلّص جوانب أفكاره
و يلعب بالأيام كما لو أنها جنود الشطرنج
إلى أن تأتي النهاية
ولا يوجد فائز
حينها
لم يتبق َ شيء سوى
لسان ٌ آخر
......................................................................
لأحد أيام الأثنين
.............
صوتان
من أصوات الصباح الباكر
في غرفة
والأفكار هائمة خارج
الحدث
عندما تناديك
العيون الحذرة لتلك السيدة
هل بإمكانك
أن تبقى صامتا ً
ثلاثة فوارز للحذف ،،،
في الساعات الأولى من يوم الأثنين
وأنت لا تستطيع قياس المسافة
للوصول إليها
وإذا كان فقط النص
المكتوب بيد الآنسة "كلمة"
هو الذي كان بإمكانه أن يوقظك
ويجعلك خطوة ً واحدة أقرب إليها
بالتأكيد كنت ستشعر بذلك
كيف كان بإمكاننا أن نبقى
مستيقظين
ألم نكن سوية ً
*كوناك "Konak" مصطلح يطلق على البيت الكبير في تركيا وفي أراضي الامبراطورية العثمانية سابقا ً .
......................................................................................................
طقوسها
..........
بعد كل ما حدث
فأنها بمثابة بداية جديدة
و ليس هناك أي طريق للذهاب بصمت
ولا يوجد أي وسيلة تقودني إليك ِ
في وقت أبكر من اليوم
نجمتي قد تلاشت
وأعلى ما يمكنني تسلقه
هو أوطأ ما أخذتني إليه السُحُب
يا آلهي ، هل حقا ً
قمت ُ بتجربة الحب الحقيقي أم ماذا
لم أكن خائفا ً من أي شيء
وليس أمرا ً سيئا ً أن نحلم
خذ هذا بنظر الأعتبار يا صاحبي ،
فصيلة ٌ من المعاناة
وفكرة تكهنيّة
تدور سريعا ً
و تقذفني إليك
لا يهم إذا كنت َمغطى بكلماتك
لكن إجعل لي مكانا ً
في قصيدتك
فيينا 2006
...................................................................................
التوقف عند نقطة الصفر
..........
أحتجّ في أيام الأحد
و أكسر فكرتين كما أكسر زجاجتين
فكرة ً لك ِ وأخرى لنفسي
لكن فكرتكِ
تخطأ وتعيد مرة ً أخرى حُزن
أيام الأحد الخاصة بي مع قليل من
أرباع الذكريات
من أجل أن تعلـّمني كيف ألعب لعبة التكسير
وكيف أكون صريحا ً
إن الوقت ينبهني
بأن الساعة أصبحت الثانية عشر
لقضاء لحظة ٍ معك ِ ولكن مثل أيام الأحد
فقد أختفيتم جميعا ً
أنا أعدّ الأيام فقط
و من أسبوعك ِ
بدأت تظهر ألف فكرة ٍ وفكرة
بإتجاهك ِ
لكنك ِ الآن بعيدة ً جدا ً
إنّي سعيد خلال أيام الأحد
لأنني سعيد بقرائة رسائلك ِ
التي أخذت ُ قليلأ منها
و عندما سأملك في يدي
مفتاح قلبك ِ
سأفتح باب الوقت ،وأنا وأنت ِ
سنكون معا ً
تحت القمر
............................................................
كيف تصل الى ذاتك
...........
مرورا ً عبر الأوطان
عبر الحقول ، الجبال والبحار
وكل ما
يملكه هذا العالم
و أنا كمسافر يرافقني الليل والنهار
اللذان هما أصحابي
أزور الدقائق في حياتي
حتى ألقاكِ
مرحبا ً
ماذا تفعلين هنا
في كل مرة ٍأدخل إلى نفسي
أراكِ
عند كل تقاطع
من إحدى ندباتك
و من إشارة الانطلاق
الخاصة بي
عيونك تلمع في السماء
رحلتي
كانت طويلة جدا ً
عبر هذه الطرق
التي كنت مضطرا ً أن أتوقف عندها
لكنني تجاوزتها بسرعة
في حين كنت مُوجَها ً
من خلال إشاراتك ِ
مرحبا ً
أيها الغريب
ما هو الوقت
و ما هو تاريخ اليوم
هل تعرف في أي شهر
وما هي السنة
إنها سنة ٌ جيدة
و عندما مررتُ بطريق يدعى بـ
إنياتيا*
كان هنالك سيدتان جالستان على العشب
بإنتظاري
واحدة ظهرت لي
مثل الشمس
والاخرى مثل القمر
و عندما أقتربت ُ
منهما مرة ً أخرى وجدتك ِ أنت ِ
السيدة الاولى
و الثانية
كانت الحب
الذي هو توجيه الخلود
تحدثنا لساعات ٍ طويلة ٍ
بأمور مهمة
وليس بالكلام الفارغ
و جرّدنا كثيرا ً من
بحيرات الكلمات
الى أن وجدت ُ
بأنه بالتأكيد
عالم خيالي
وغادرت لأعود مرة أخرى
إلى ذاتي
خلال هذه الاشارات
و تماما ً في وسط طريق
الرجوع
دُعيتُ من قِبل عفريتة الجبل
وعندما كنّا نقترب
من بعضنا
شعرت ُ بالخوف
و توسّلت إليها
بأن لا تنظر إليّ
فأنا مسافر ٌ
وأنا عائد ٌ إلى ذاتي
إنها ناعمة
و قامت بحمايتي من الأرض
والسماء
لكنها بالتأكيد ظهرت لي كصوت ٍ مألوف ٍ
مرحبا ً أيتها الأعجوبة
حتى ولو ظهرت ِ لي الآن
لكنّ الآوان قد فات
لأنّي الآن أواصل رحلتي
و من المحتمل أن أصل غدا ً
مَن كانت له القدرة على السفر كل هذه المسافات
كنت اسأل الشاعر الذي ظهر
عندما كنت أبحث
عن شيء ، ماهو ! لا أعلم
وفي وقت عذوبة الصباح
وصلتُ
إلى باب الروح
شعاعان كانا بأنتظاري
مرحبا ً
ها قد التقينا مجددا ً
أنت َوأنا و أميرتي
لكن يجب عليّ الآن أن أتقبّل
حقيقة أنك َ في داخل ذاتي
ذاتي أنا
و كل هذه الرحلة
كانت لأجل الوصول الى ذاتك
باريس ،28 مارس ، 2009
*إنياتيا "Egnatia" طريق شيّد من قبل الرومان ، يعبر مقاطعة إليريا ، مقدونيا وتراقيا .
...............................................................................
الآنسة "كلمة" والسيد "فِكر"
...............
لقد تحدثتُ
بطريقة مختلفة نوعا ً ما
وبكل إفتخار
آنستي
أتمنى
أن لا تأخذيها بإساءة
فما هي الاّ
مجرد كلمات شاعر
وأنت تعلمين بأنه من المسموح
أن تعرّى الأفكار المغطاة
تعرية ً تامة ً
أو أن تغطى الأفكار العارية
بثياب ٍ تعجبني
أو
هل هو كاف ٍ لك ِ
بأن أقول بأني أحبك ِ
فأنا قررت أن أقول
كما يقول جميع الناس
لأي أحد يحبونه
كما يقول الزوج لزوجته
آنستي
أنا لدي ّ طريقتي الخاصة للتعبير
حسنا ً
الفِكر غير جيد من دون الكلمة
و الكلمة
لا تعني شيئاً إذا لم يكن الذهن مرتبط بها
أه كم أنت ِ غالية عندي
أنت ِ الآنسة "كلمة"
وأنا السيد "فِكر"
هكذا كنت أرى ذلك دائما ً
أنا معكِ و أنت ِ معي
حتى
صيغة الحب هذه
في أي مكان
أذا كان لها و نجت
فأنها لم تنج ُ إلا بعد أن تم تحديثها
حسنا ً أيتها الآنسة ، فأنكِ تصبحين جذّابة
حين يعيرك السيد فِكر
جاذبيته
هيا بنا
لنتكامل لأن
الصّمت
يراقب بقلق
ليرى ماذا سيحدث بيننا
على أية حال
آنسة كلمة
فأنا أشعر بأني أقبلك ِ
قبلة ً واحدة ً فقط
لأنني غير متأكد كيف
ستأتي القبلة الثانية أو الثالثة
لندَع الحرية تعيش بطلاقة
ولندَع الكلمة
والذهن
يتحدثان بأي شيء
يرغبان به
أمّا أنا الآن فأريد
قـُبلتي الأولى
باريس ، تموز 2006