رواية منزل القردة
أحد هؤلاء القتلى أصيب في مؤخرة رأسه، ولم تبد آثار إصابة على وجهه الذي كان خلواً من اللون بصورة غريبة ويكاد يكون شفافاً مثل شموع الإنارة أما عيناه اللتان كانت لا تزالان مفتوحتين انفتاحة صغيرة، فقد انقلبتا إلى أعلى فبدتا بيضاوين فارغتين. بدتا كأنهما تلمعان وكأن أهداف الجفنين لا تزال ترق شاهد روسو ذلك محبوس الأنفاس، فكأن اللون يمكن أن يعود في أية لحظة إلى الشفتين، وتنفتح العينان ويبتسم الفم. إنها مجرد لعبة أيها الفتيان. لقد كانت فكرة حمقاء. شاهد روسو ذلك بعد أن دفاع القتيل الصربي قد تساقط لأن مؤخرة الجمجمة قد قصت تماماً، فاستقر على الأرض وكأنه في وضعه الطبيعي، دون أن ينفصل الجلد والشعر عنه. حمل ذلك إلى ذهن روسو صورة جوزة هند سقطت على حجر فتحطمت. أما أن الصربي لم يكن يرتدي خوذته عندما أصيب أو أنها لم توفر له حماية ذات فائدة. كانت هناك هرّة صغيرة تأكل من تلك المادة الرمادية والزهرية تضربها ببرثنها وتلعقها.. امتلأ روسو بشعور يدفع إلى أن يدوس هذا الحيوان يقدمه إلى أن يقتله. لكنه ما لبث أن شعر بالندم. إنها أيضاً، مثل كل كائن حي آخر في سارييغو، يكاد يقضي عليها الجوع. كانت الجثث منتفخة قليلاً على الرغم من البرد. وبدت مستلقية في مجموعات، فكأن الموتى يتجمعون بعضهم إلى بعض طلباً للرفقة والاستئناس.. وإذا ارتفعت درجات الحرارة ي وقت لاحق فستتفسخ الجثث بشدة مما يؤدي إلى جعل بزات هؤلاء القتلى تضيق وغلى دفع جيوبها بقوة إلى الخارج بما من شأنه أن يجعل الأوراق المالية والمناديل ورسائل الحب تسقط منها، في ما يشكل مشاهد أخرى كريهة تثير الأسى والاشمئزاز إضافة إلى البشاعة الأساسية المتمثلة في تحلل واهتراء من كانوا قبلاً بشراً سوياً؛ آباء وأبناء وأخوة وعشاقاً. وقد بدأت هذه البقايا بالامتزاج بالتراب الذي هو جزء منه، سوائل الجسم تسيل في الأرض مشبعة بالماء والثلج الذائب، التراب إلى التراب يعود والطين إلى الطين”.
رابط مباشر [ هنــا ]
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]رابط بديل [ هنــا ]
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]