® مدير المنتدى ® رسالة sms : عدد المساهمات : 11575 الاٍقامة : وراء الأفق حيث لاشئ سواى وحبيبتى العمل : مهندس نوسا البحر : 2013-11-03, 8:09 pm | | رسائل من عطارد.. الكوكب صغير الحجم غريب الأطوار!
في العام 2011 وصلت بعثة مسنجر إلى كوكب عطارد وأخذت مدارًا لها حوله كي تستكشف تاريخه الجيولوجي، وغلافه الغازي الرقيق، ونواته الكثيفة.. والمادة الغريبة في قطبيه، وقد قام المحرر المختص ريتشارد تالكوت بتفصيل هذه المهمة التي قامت بها «ناسا».
في الساعة 8:45 من مساء يوم 17 مارس، 2011، عبرت مركبة مسنجر التابعة لوكالة الفضاء الأمريكية NASA من مسافة 500 كم تقريبًا من سطح كوكب عطارد. وكما اقتضت خطة عمل البعثة، فقد أشعلت المركبة محركها الرئيس لمدة 15 دقيقة للسماح لقوة ثقالة الكوكب أن تمسك بها. وبعد 12 ساعة، انتظمت المركبة في مدار إهليلجي بالغ يأخذها من ارتفاع 200 كم إلى ارتفاع 15,193 كم فوق سطح الكوكب. شكّلت مناورة الدخول في المدار نهاية رحلة قطعت فيها المركبة مسافة 8 مليارات كم تقريبًا، وبداية بعثة تدوم عامًا كاملًا وتهدف إلى استكشاف عطارد: الكوكب الأقرب إلى الشمس.
تعِدُنا مركبة مسنجر MESSENGER بكشف كثير من أسرار عطارد المنيعة: كثافته العالية؛ والحجم الكبير لنواته الحديدية؛ وآلية توليد حقله المغناطيسي وحركته؛ وأيضًا غلافه الغازي الرقيق. وربما كان أكثر هذه الأسرار إثارة هو إمكانية وجود جليد ماء في فوهات نيزكية دائمة الظل بالقرب من قطبيه. وسوى هذه الأسرار، كان هناك أيضًا الكثير من الأسئلة التي شغلت بال العلماء، وذلك بسبب سمعة عطارد في صعوبة رصده: إذ لا يستطيع العلماء رؤية الكوكب بوضوح من الأرض بسبب عدم ابتعاده عن الشمس في حركته المدارية حولها إلى مسافة كافية تسمح للمراصد الأرضية والمدارية ــ ومنها منظار هابل الفضائي ــ من التصويب والتحديق في اتجاه عطارد.
إن بعثة مسنجر هي ثاني بعثة ترسلها «ناسا» إلى كوكب عطارد. كانت الأولى هي بعثة مارينر 10 في العام 1974، التي لم تستطع رصد وتصوير أكثر من 45 في المائة فقط من سطح الكوكب. وهذا ما شكل نقصًا في المعلومات، فكان لابد من بعثة أخرى تنجز المطلوب وتسد الثغرات، وهو ما أريد من خلال بعثة مسنجر الحالية.
عالم قديم وغريب
تهدف بعثة مسنجر إلى معرفة كيف يمكن أن يتلاءم هذا الكوكب مع صورة الكواكب الداخلية الأخرى في النظام الشمسي. فعلى الرغم من أن عطارد هو أخ لكل من الزهرة والأرض والمريخ، ورغم شبهه الشديد بقمر الأرض، إلا أنه في الحقيقة لا يشبه أيًا منهم؛ وسيعمق إدراك هذه الاختلافات الكبيرة من فهم العلماء لكيفية نشوء وتطور هذه الكواكب. وعلى الرغم من أن عطارد يبدو كما لو أنه نسخة من قمر الأرض للوهلة الأولى، فإن هذا الشبه لا يبلغ حتى درجة سطحية. يتشابه الجرمان في وجود كثير من الفوهات النيزكية الكبيرة التي يعود معظمها زمنًا إلى 4 مليارات سنة تقريبًا. لكن سطح عطارد يغلب عليه نمط صورة «سهول بين الفوهات» ــ وهي مناطق سهلية أصغر عمرًا بقليل وأقل بكثافة فوهاتها ــ تمتد بين الأحواض القديمة.
ويقدم عطارد لنا أيضًا معالم طبيعية أخرى من عالمه، مثل الجروف الصخرية المتعرجة الشديدة الانحدار التي تعلو بارتفاع ميل وتمتد مسافة مئات الأميال، وهي معالم يعتقد العلماء أنها ربما تشكلت قبل مليارات السنين عندما ابترد الكوكب وانكمش بأكمله وتصدع سطحه. ومع أن مركبة لونار ريكونيسانس أوربتر (LRO) القمرية المدارية قد اكتشفت حديثًا معالم مشابهة على القمر، إلا أن هذه المعالم لا تقرب بحال من الانتشار الشامل لمثيلاتها على عطارد.
ويبرز التجانس النسبي لسطح عطارد بوضوح كميزة أخرى له أيضاَ. يعرف العلماء أن سطوح معظم الكواكب الداخلية تحظى باختلافات جيولوجية بين نصفي كرة كل كوكب منها. فنرى على القمر مثلًا أن السهول البركانية تنتشر على وجهه القريب، وتغيب تقريبًا على وجهه البعيد. وهناك المريخ الذي يتكون نصفه الجنوبي من مرتفعات أقدم عمرًا وأكثر امتلاء بالفوهات، ونصفه الشمالي من أراض منخفضة أصغر عمرًا. أما كوكب الأرض، فنرى أن حوض المحيط الهادي يشغل أحد نصفيه، ويملأ نصفه الآخر خليط من قارات ومحيطات. لكن ما نراه بوضوح على عطارد، بعد المسح الأولي لمسنجر، هو التجانس الكبير لخليط سطحه القديم المليء بالفوهات المتداخلة مع امتدادات سهول بركانية شاسعة أحدث عمرًا.
لكن هذا السطح المتجانس يبدو كأنه يخفي أسفله طبقة أكثر تعقيدًا. فقد أظهرت صور مسنجر فروقات في بنية السطح، دلت عليها تلك المقذوفات الزرقاء اللون التي أحاطت بالعديد من الفوهات النيزكية، وهي رواسب رقيقة من مادة تحت سطحية أخرجتها الضربات النيزكية من مكانها. لكن هذا لم يشمل جميع الفوهات، وهو ما يوحي بأن الطبقة أسفل السطح لا يمكن أن تكون متجانسة البنية. وحيث إن الصور المحسنة الألوان لا تكشف فعلًا التركيب الحقيقي لبنية السطح، فإن مسنجر ستقوم بدراسة تركيب قشرة الكوكب أثناء بعثتها المدارية.
البحث بعمق أكبر
ربما يكون سطح عطارد غير عادي، لكن باطنه يبدو شاذًا بالكامل تقريبًا. بصورة عامة، يحظى هذا الكوكب بكثافة تبلغ 5.4 مرات من مثل كثافة الماء ــ أي أقل من كثافة الأرض بقدر 2 في المائة فقط. ومع هذا فكتلته تبلغ فقط 5 في المائة من كتلة الأرض. تؤدي قوة ثقالة هذه المادة الزائدة على الأرض إلى ضغط ورص المادة الداخلية في باطن الكوكب إلى درجة كثافة أعلى بكثير مما ستكون عليه بخلاف ذلك. تعني الكثافة العالية على عطارد أن عناصر ثقيلة من مادته يجب أن تملأ باطنه وتهيمن عليه. أدرك الباحثون منذ وقت بعيد أن كوكب عطارد يحظى بنواة كثيفة تتكون بمعظمها من الحديد، وتمتد لتملأ نحو 75 في المائة من المسافة بين مركز الكوكب وسطحه، وتحوي 60 في المائة على الأقل من كتلة الكوكب ــ أي ضعف نسبة نواة الأرض.
وبعد أن كنا نعلم أن الأرض هي فقط من يحظى بحقل مغناطيسي بين الكواكب الداخلية الأخرى، فقد بتنا نرى الآن عطارد أيضًا يحظى بحقل مغناطيسي شامل مشابه. ينشأ هذا الحقل على الأرجح من تيارات كهربائية تتدفق عبر الجزء الخارجي من نواة الكوكب. تظهر الأرصاد الرادارية الأرضية تغيرات بسيطة في معدّل الدوران المحوري للكوكب، وهو ما يؤكد أن الجزء الخارجي من نواة عطارد هو جزء مصهور، مثلما هي حال نواة كوكب الأرض.
يوحي الحجم الصغير لعطارد أن الكوكب كان يجب أن يفرغ حرارته في الفضاء منذ زمن بعيد. ولأن هذا لم يحصل تمامًا، فقد بدا عطارد كوكبًا غريب الأطوار حقًا. يعتقد العلماء أن كميات بسيطة من عناصر أخف وزنًا يجب أن تختلط مع الحديد في النواة الخارجية لتخفيض درجة انصهاره والإبقاء على هذه المنطقة بشكلها السائل. قام العلماء النظريون بتقديم ثلاث أفكار تربط باطن عطارد الغني بمحتواه المعدني بآلية نشوء الكواكب. تقدم الفكرة الأولى وصفًا يبدأ مع بدء الكواكب نموها في السديم الشمسي الغني بالغبار. وفق هذا السيناريو، تؤثر قوى الجذب الثقالي التي يطبقها غاز السديم على جسيمات الحديد والسيليكات بأوجه مختلفة ليؤثر ذلك في زيادة تركز عنصر الحديد في الكوكب.
وتقدم الفكرتان الأخريان تصورًا يبدأ في وقت يتأخر كثيرًا عن تاريخ ولادة عطارد، بعد أن غاص حديد الكوكب البدائي إلى نواته وارتفعت السيليكات الأخف وزنًا إلى الأعلى لتشكل طبقة المعطف والقشرة. كما تفترض إحدى الفكرتين تبخر معظم كمية السيليكات بفعل الإشعاع الصادر عن السديم المحيط لتحملها الريح الشمسية من ثم بعيدًا في الفضاء. وتتصور الفكرة الأخيرة اصطدام كوكب بدائي قريب المسافة والحجم بكوكب عطارد الوليد وانتزاع قدر كبير من طبقاته الخارجية.
تتنبأ الفرضيات النظرية الثلاث بتركيبات مختلفة لبنية طبقة قشرة ومعطف عطارد الغنية بالسيليكات. وستكون هذه البنية موضوع دراسة أجهزة قياس الطيف الثلاثة الرئيسة على مسنجر التي ستعمل على معرفة التركيب الدقيق لها. وإذا ساعدت بعثة مسنجر العلماء بفهم ومعرفة سبب الكثافة المرتفعة لعطارد، فهي ستفتح لهم بذلك نافذة على تاريخ النظام الشمسي القديم، وستلقي ضوءًا يوضح آلية تطور البنى المختلفة للكواكب الداخلية.
فوران حمم البراكين
تثير النواة الخارجية الحارة لعطارد تساؤلًا عن أي دور ربما أمكن للنشاط البركاني أن يلعبه في آلية تطور سطح الكوكب. نعلم منذ وقت سابق أن مركبة مارينر 10 لم تساعد كثيرًا في هذا الصدد: إذ لم تكشف صورها المنخفضة الدقة أي بنى بركانية واضحة. لكن مسنجر غيّرت تلك الصورة. جاء دليل رئيس من جهاز قياس الارتفاعات الليزري عليها الذي يقيس ارتفاع المعالم السطحية على طول قطاع ضيق من سطح الكوكب. في إحدى المرات، أخذت أداة القياس هذه المنظور الطبوغرافي الجانبي لزوج من الفوهات توجد بجانب بعضها، وقطر كل منها 100 كم تقريبًا. كشفت الأداة أن إحدى الفوهتين هي أعمق من الأخرى المجاورة بنحو 4 مرات، وهو ما يعني أن حمم البراكين ملأت الفوهة المجاورة بعمق يزيد على 2 كم. وبصورة مماثلة، وجدت كاميرات مسنجر أدلة على نشاط بركاني عنيف في وقت مبكر من تاريخ الكوكب. ويبدو حوض فوهة اصطدام كالوريس Caloris، الذي يمتد باتساع 1,550 كم، كمثال جيد جدًا. تحظى السهول الناعمة داخل الحوض بلون مختلف ــ وبذا تركيب مختلف ــ عن حافة الحوض ومقذوفاته التي تشكلت من صخور سطحية وتحت سطحية موجودة مسبقًا. إضافة إلى ذلك، يقل عدد الفوهات في هذه السهول عما يوجد في مناطق يعود عمرها إلى زمن الارتطام النيزكي، ويبدو أيضًا أنها تتكون من مادة أحدث عمرًا. كما أظهرت الصور أيضًا عدة فوهات بركانية على الأجزاء الخارجية من فوهة كالوريس.
كان من الغريب كذلك أن تعكس السهول في داخل حوض فوهة كالوريس (وأحواض أخرى كثيرة غيرها) ضوءًا أكثر مما تعكسه السهول خارجها ـــ وهو ما نرى خلافه في معظم أحواض الفوهات القمرية. ربما أن الارتطامات النيزكية على عطارد أخرجت مادة أكثر نصوعًا وأكثر عمقًا، أو أن الصهارة التي أخرجتها إلى السطح لاحقًا قد نشأت في أماكن أعمق في الكوكب.
حدث الارتطام الذي أنتج كالوريس في حقبة القصف النيزكي العنيف التي اشتدت فيها وطأة الضربات النيزكية في الجزء الداخلي من النظام الشمسي وانتهت قبل نحو 3.8 مليارات سنة. أما الصهارة التي شكلت السهول الناعمة داخل الحوض فربما أنها نزّت إلى الخارج في وقت لم يتأخر كثيرًا بعد ذلك. لكن مسنجر وجدت أيضًا فوهة أخرى أحدث عمرًا بكثير، أطلق عليها العلماء اسم راشمانينوف Rachmaninoff، تظهر دلائل حدوث بركنة، وقد بدت بصورة حوض مزدوج يتسع بقطر 390 كم. كان للسهول الناعمة في الحوض الداخلي لون مختلف وكثافة أقل مما هو في حلقة الحوض الخارجي. ويعتقد علماء مسنجر أن تكون هذه السهول هي الرسوبيات البركانية الأحدث عمرًا حتى الآن على الكوكب. وتشير أرصاد أخرى إلى أن تكون حقبة البراكين على عطارد قد دامت فترة أطول كثيرًا مما اعتقد سابقًا، ربما حتى وقت متأخر من النصف الثاني من تاريخ النظام الشمسي.
من الحرارة إلى البرودة
يضطرنا الباطن الحار لكوكب عطارد وموقعه القريب من الشمس إلى استبعاد أي احتمال لوجود جليد الماء عليه. لكن الكثير من العلماء يعتقد حقًا أن هذا السائل المتجمد يوجد في بعض الفوهات قريبًا من القطبين. في العام 1991 اكتشف علماء الفلك رسوبيات غامضة في مناطق قطبية عندما وجهوا أشعة راداراتهم إلى الكوكب ودرسوا الإشارات المرتدة عنه. بدت المناطق الساطعة في صور المسح الراداري مشابهة بشكل مفاجئ وغريب لتلك المناطق التي توجد قرب قلنسوة الجليد في القطب الجنوبي لكوكب المريخ وعلى الأقمار الجليدية لكواكب النظام الشمسي الخارجية. لكن كيف يمكن للجليد أن ينجو ويبقى على كوكب تصل الحرارة في وقت ظهيرته إلى درجة 427 مئوية؟
تكمن الإجابة في محور تدويم عطارد الذي ينتصب عموديًا تقريبًا على مستوى مداره حول الشمس، وهو ما يمنع أشعة الشمس من الوصول إلى قيعان الفوهات النيزكية قرب قطبيه. كما أن غلافه الغازي الرقيق لا يستطيع نقل الحرارة من المناطق الحارة إلى الباردة. ولذا فإن أي جليد يتراكم في هذه «المصائد الباردة» سيدوم مليارات السنين. لكن هذا الافتراض لم يلق إجماع كافة العلماء، أي أن تكون هذه المناطق الساطعة راداريًا هي مناطق جليدية. إذ يشير بعضهم إلى أن عنصر الكبريت يمكنه صنع بصمة رادارية مشابهة؛ ويعتقد آخرون أن سطوع الفوهات القطبية مرده إلى الظروف السطحية غير العادية التي تسود في بيئة منخفضة الحرارة. ربما ستعاني بعثة مسنجر لمعرفة الحقيقة: فالصور لن تكشف شيئًا بسبب الظلمة الدائمة في قيعان هذه الفوهات العميقة. كما أن حقول الرؤية الواسعة للمعدات الأخرى على المركبة تجعل من استهداف مناطق صغيرة أمرًا صعبًا. وقد تكون أفضل فرصة للبعثة هي البحث عن بصمات غازية دالة فوق القطبين أو استخدام جهاز قياس الطيف النيوتروني لاكتشاف الهيدروجين (العنصر المكوّن الرئيس في الماء) على سطح الكوكب.
التحوّل إلى هواء رقيق
يحظى عطارد أيضًا بغلاف غازي رقيق، يطلق عليه العلماء اسم إكزوسفير exosphere، يغلب على بنيته وجود عناصر الهيدروجين والهيليوم والأكسجين والصوديوم والبوتاسيوم والكالسيوم والمغنسيوم، وربما عناصر مواد أخرى ستكشفها مسنجر لاحقًا. تنتشر ذرات هذا الغلاف الغازي بكثافة منخفضة جدًا لدرجة أنها نادرًا ما تتصادم ببعضها ــ إن تصادمت أصلًا ــ وتشكل «ذيلًا» يمتد آلاف الأميال في اتجاه معاكس للشمس. ولا يعرف العلماء بالفعل من أين يأتي كامل الغلاف الغازي لعطارد. فمن المرجح أن الهيدروجين والهليوم يصنعان في الريح الشمسية. أما العناصر الأثقل فربما أنها تصدر من باطن الكوكب، أو أنها تنشأ بفعل الاصطدامات السطحية التي تحدثها الأحجار النيزكية الدقيقة، والفوتونات الشمسية، أو الأيونات الشمسية. وما هو مرجح أكثر، أن تلعب عدة مصادر معًا من هذه دورًا في ذلك. أما الإجابة الحقيقية فتنتظر تحليلًا معمقًا لأرصاد مسنجر المدارية لكل من سطح الكوكب وغلافه الغازي.
الاضطلاع بالمهمة
ومن أجل إنجاز مهمتها، حملت مسنجر مجموعة كبيرة من المعدات العلمية. تضم منظومة التصوير على المركبة آلتي تصوير: إحداهما واسعة الزاوية، وأخرى ضيقة الزاوية. للكاميرا واسعة الزاوية حقل رؤية مساحته 10.5° X 10.5°، ويمكنها التصوير بالألوان أو بالأسود والأبيض من خلال دمج تعريضات ضوئية عبر 11 مرشحًا لونيًا تنتظم عبر أطراف الطيف المرئية والقريبة من تحت الأحمر. وتلتقط الكاميرا الأخرى، ذات الدقة الأعلى وحقل الرؤية الضيق، صورًا ضمن حقل رؤية مساحته 1.5° X 1.5°، وترى معالم صغيرة بقدر 18 مترًا قطرًا. أما أجهزة تحليل وقياس الطيف الأخرى من نيوترونية وأشعة جاما وأشعة X فتقوم بإجراء قياسات لمعرفة تركيب بنية سطح عطارد. وتقوم أداة MASCS بدراسة مكونات الغلاف الجوي، وتتابع أيضًا عمل أجهزة تحليل وقياس الطيف الأخرى في مراقبة سطح الكوكب.
ويقوم جهاز قياس المغناطيسية magnetometer على مسنجر برسم خارطة الحقل المغناطيسي للكوكب، فيما تقوم أداة EPPS بتحليل الجسيمات المشحونة التي احتجزت ضمن الحقل المغناطيسي. وأخيرًا، يقيس جهاز قياس الارتفاعات الليزري طبوغرافية السطح ويتابع الترنح الطفيف في حركة الدوران المحورية، وهو ما سيساعد في معرفة آلية عمل نواة الكوكب.
ومن أجل حماية هذه المعدات العلمية الحساسة من حرارة الشمس، فقد زودت مسنجر بدرع شمسية مقاومة للحرارة تصد أشعة الشمس عنها. صممت هذه الدرع للإبقاء على المعدات تعمل في درجة حرارة غرفة عادية (20° مئوية)، وذلك رغم حقيقة أن الشمس هي أكثر سطوعًا على عطارد بقدر 11 مرة مما هو على الأرض. ولهذه الدرع طبقتان رقيقتان من ألياف سيراميكية تحيط بعدة طبقات داخلية من مواد بلاستيكية عازلة.
هكذا يبدو لنا أن ما أنجز من عمل بعثة مسنجر هو ليس أكثر من مقدمة للعرض القادم الذي يبدأ الآن. وكما يقول شون سولومون المحقق الرئيس للبعثة: «لقد قطعت مسنجر رحلة طويلة فعلًا، لكن الكوكب الموعود مازال أمامها لتستكشفه».
حازم فرج
_________________ حسن بلم | |
| |