سماء مؤجّلة ,شعر وقصائد شوقى بزيغ,ديوان شوقى بزيغ pdf
hassanbalam
® مدير المنتدى ®
رسالة sms :
عدد المساهمات : 11575
الاٍقامة : وراء الأفق حيث لاشئ سواى وحبيبتى
العمل : مهندس
نوسا البحر :
2013-03-13, 10:11 pm
مختارات من شعر شوقي بزيع
"زعموا أن صباحًا كان"
في الأفق عصافيرُ معاديةٌ في الأفق طيورٌ سود في الأفق دمٌ ورعود سقطت بالقرب صنوبرة سقطت دمعة حزن فوق الخد سقطت شمسٌ كانت تركض خلف صباح الغد أيمن لا تركضْ، اركضْ لا تركضْ، اركضْ
امتشق الطفل فراشته البيضاء وصوَّب نحو الطائرة الأولى فأصيبْ صوَّب نحو الشمس فلم تسقط ْ صوَّب نحو البحر فلم يسقطْ صوَّب نحو الأرض فمات بكت الشجرات بكت السروة في السر بكى النرجسُ في الساحات قرَع النهر الأجراس المنسية في الأحلام ارتدت الأرض قبور الشهداء وجاءت كى تشهد أيمن وهو ينام
مسافة
كل امرأةٍ أحبها تؤكدُ استحالة النساء فكلما مشيتُ خطوةً على طريقِ روحِها أعودُ خطوتين للوراء وكلما طوقتُ خصرها بساعدي تراجعتْ إلى الخرافةْ كأن ما أحبُّ ليس امرأةً بعينها ... بل المسافة
الشاعر
دائمًا يكتبُ ما يجهله دائمًا يتبعُ سهمًا غيرَ مرئيٍّ ونهرًا لا يرى أوَّله هائمًا في كل وادٍ ينهرُ الأشباحَ كالماعز عن أقبية الروح وكالساحرِ يلقي أينما حلَّ عصا الشكِّ ليمحوَ بعضُه بعضًا مقيمٌ أبدًا في شبهة البيت ولا بيتَ لهُ كلما همَّ بأن يوضحَ يزدادُ غموضًا وبأن يفصحَ يزدادُ التباسًا والذي يكتبه يحجبه هو يدري أن بعض الظن إثمٌ ولذا يومئُ للمعنى ولا يقربه يدَّعي الشاعر أن الشعر ذئبٌ فيقول الناسُ: إن هو إلاّ شاعرٌ والشّعر أضغاثُ رؤىً خادعةٍ أعذبُه أكذبُه لم يصدّق أحدٌ ما زعم الشاعرُ، لم ينتبه الناس إلى الموتِ الذي ينهشُ في هيئة ذئبٍ جسمُه الرثّ لكي يستخرج المعنى الذي في قلبِه، الناسُ نيامٌ فإذا الشاعرُ مات انتبهوا! 8/3/1994
***
قمصان يوسف
[1 - قميص التجربة]
قبَّرات الحقول، تقافُزُ قلب الثعالبِ حول الينابيع، نومُ النمالِ الطويلِ على طرقات الشتاء، عراكُ المجرَّات من أجل نجم تغازله الشمسُ من خلف ظهر الفَلَكْ كلها الآن تسجدُ لك كلها الآن تجثو على قدميك الإلهيتين، ميممةً شطرَ أهدابك السود، مسرعةً كي تقبلَ ثغر الهلال الذي قبَّلك الذي قبلكَ ولكن سرُّكَ في أن تكون جديرًا بسحرك في أن تخضَّ المياة التي سكنتها الشياطينُ كي تستعيد البراءةَ، أو تستعيد بجذع اختياركَ من حاسدٍ حسدك وسرُّك في أن تعود إلى نقطة الصفرِ كيما ترى جسدكْ نظيفًا كجوهرةٍ في العراء وكيما تخلِّص نرجسك المتوجسَ من نفسه، لا تصدق جمالَك صدِّق ظلالك فوق الجدار وغص نحو وحل الحقيقةِ كيما تجدِّدَ ما قوَّض الطين فيك فهذا الزمانُ الذي برأ الذئبَ من شبهة الدم فوق قميصكَ ليس زمانك وهذا الحصان الذي لم تخنْ برقَه المتردد خانك وإخوتك اتحدوا مع قميصكَ ضدَّ دموع أبيك فلا تتعلق بدلو الأمانِ الذي انتحلوه لكي يخدعوكَ تَوَقَّ أحابيلهم وابتكر من خيوط الهلاك حبالك دع قميصك للذئب كي تنتهي عاريًا مثلما كنتَ واهبط إلى آخر البئرِ كي تستحقَّ جمالكْ
[ 2 - قميص الشهوة]
حين عدتُ من البئرِ أحسستُ أني أعودُ غريبًا كمن مسَّه من نسيم الألوهة برقٌ خفيفُ يباعدني عن يدي ملاكانِ لا يبصرانِ سوى شبحي فيهما وتسبح صحراءُ من خجلٍ في عروقي ولكنني منذ أبصرتها ضاق صدريَ بي فأسلمتُ خوفَ أبي للذئاب ولحيته للرياحِ وأحسستُ أني سوايَ وقد راح يركضُ في خرز الظهرِ ماءٌ كفيفُ وإذ راودتني زليخةُ عن جنتي شفتيها انشطرتُ وراح الملاكان يقتتلان على كتفيَّ الثقيلين فيما براكين حمراءُ كانت تمزِّقُ أقفالَها وتهرول تحت ثيابي وما بين كفيَ جمرٌ يطوفُ كأن دمي ملعبٌ للوساوسِ بعضي يحاربُ بعضي وتشهرني ضد نفسي السيوفُ ليس بيني وبين زليخةَ إلا قميصانِ من عفةٍ وتَشَهًّ، كأن الصراع المؤبد ما بين إبليس والله قد ضاق حتى غدا بحدود القميصينِ، أيهما الآن أختارُ؟ عدتُ من لجةِ البئر كي لا أعود إلى البئر ثانيةْ، غيرَ أن فحيح الأنوثةِ يشتدُّ حول خناقي وجسمي ضعيفُ كان لا بد أن ينقذ الله صورته فيَّ فلما هممتُ وهمت تدلت مراياهُ من خشب السقفِ حتى حسبتُ بأني أعانق نفسي وأن زليخةَ ليست سوى صرخةِ الإثم في داخلي فاستدرتُ إلى الخلف أعدو وراء جمالي ويعدو ورائي نباحُ الدماء المخيفُ!
[3 - قميص الرؤية ]
تدور الكواكب من دون يوسف من دونه يتراكض آذارُ بين الشهورِ ليجبي شقائقه من دم الورد، من دونه يلطم الموجُ صومعةَ الانتظارِ المضاءةَ في قلب يعقوب، كان يوسفُ أعذب من نجمةٍ تتزينُ للموت، أطول من سروةٍ بين نهرين، والقمح كان يدلُّ على شعره كلما هبَّت الريحُ والحزنُ كان يسابقُ عينيه نحو دموع السفرجلِ أجمل أخوته كان أشبههم خلقةً بنحيب الثلوجِ على قمرٍ في حداد لذلك خبأْتُه في حنايايَ دثرتُه بقميص الوفاء الملون من دونهم كي يضلل هذا الهياج السماويَّ عن فتنة الخلق، قلتُ له: يا بنيَّ ستبصرُ أشياء لم ترها العينُ، سوف تَشُقُّ لك الأرض أحشاءها كي ترى سوأة الطين، والزرع يركضُ أعمى أمام جراد النهاياتِ، والماء يصعدُ نحو الينابيع مرُّ المذاق، ولن يرث العشب عشبٌ سواه سترى الشمس خاشعةً والكواكب ساجدةً تحت رجليكَ فاكتم عن الناس رؤياك كي لا تشمَّ الذئابُ التي تتقمصُ أرواحهمْ ما تراه لماذا، إذن لم يُصخْ لصراخ المرايا التي انشقَّ عنها تورد خديه، وانحاز للذئب ضدَّ وصايا الإلهْ تدور الكواكبُ من دون يوسفَ، لا البئر عادت به معْ خيول الشتاء ولا الريح تحملُ نحو أبيه الذي شاخَ وقع خطاه .. ولكنَّ باقة عطرٍ تهبُّ على بيت يعقوب حاملةً مع قميص ابنه نجمتين اثنتين، تصبَّان في بئر عينيه ضوءها المشتهى وتعيدانه من عماهْ
12/1/1995
شوقي بزيع
تاريخ ميلاده من:1951 ميلادي
ـ شوقي مصطفي بربع ـ ولد في أحدي قرى قضاء صور عام 1951 ـ حصل على شهادة الكفاءة في اللغة العربية من كلية التربية ـ عمل بالتدريس ثم بوزارة الاعلام وفي الصحافة الثقافية ـ من دواوينة وردة الندم 1990 مرثة الغبر 1992 كأني غريب بين النساء
_________________
حسن بلم
hassanbalam
® مدير المنتدى ®
رسالة sms :
عدد المساهمات : 11575
الاٍقامة : وراء الأفق حيث لاشئ سواى وحبيبتى
العمل : مهندس
نوسا البحر :
2013-03-16, 8:48 am
كلما حالفت أرضا أنكرتني خطواتي...شوقي بزيع
شاخصا من سفح نفسي, نحو ما ليس يرى من كلماتي, ذلك البرق الذي أبصره لمحا يرائي حجبا أخرى, و لا أملك من رأسي سوى أخيلة عمياء, تمحوها غيوم الشبهات تتنادى لججي مع نفسها في غابة الذكرى , كما لو أن أعضائي عراك بين ذئبين , أنا الوادي الذي يقفر بين الشكل و المعنى, و ما من فكرة شوهاء إلا خلتها حبل نجاتي, لايدي تكفي لكي أجتاز هذا الأرخبيل المر , لا بوصلة تهدي , ولا صحراء تستنبح أصدائي, لكي أرفو بقاياي بما يحملني معراجه المهتاج فوق الظلمات , كلما آنست من شعري يقينا راودتني عن جنوني لغة غير التي أعرفها, كلما حالفت أرضا أنكرتني خطواتي, أين ألقاني إذن ,في أي نيراني إنا, وعلى أي شفير سوف أحصي شهواتي, و لماذا لم تصلني رغبتي العرجاء بالأرض, ولا يخرج من صلبي سوى أضغاث ما صيرني, صديق أوهامي, و ضليل جهاتي, مستريبا كجدار هالك, أرنو الى ما ارتد من أسئلتي نحوي ، كأني سهمها المبحر في اللاشيء، لا تستلني من وحشتي كف, و لا ريح توافيني لكي أغلقها حول نواتي , أتراني أحدا غيري, أم النهر الذي أنجبني ضل عن المجرى ولم يجمع شتاتي , كيف لي ان أقتفي آثار رؤياي, لكي أملي على خلقي تعازيمي , و أستقوي بما تنشق عن فوضاه نار الكائنات, كيف لي أن أدفع المعنى إلى اللأعلى قليلا , كي ألاقي جسدي في صورة أخرى, وأمضي ممعنا في هجراتي, كلما حالفت أرضا أنكرتني خطواتي كلما آنست من شعري يقينا راودتني عن جنوني لغة غير التي أعرفها.
كم أنت أجملُ في الحنين إليك
شوقي بزيع (لبنان)
الآن تقترب القصيدة من نهايتها وتشتبه الظّلال على المساءِ الآن يبدأ ذلك الألقُ المراوغُ للحقيقةِ عدّه العكسيّ، للآلام ما يكفي من الشبهات والشرفاتُ أضيقُ من حلول الذكرياتِ على الشتاءِ لا أرض تُرجع هذه الفوضى على أعقابها لأشمّ كامرأة على قبر قميص لهاثكِ الملقى على جزع السرير ولا تمائم كي أروِّض بالكلام الصِّرف أحصنة الدماءِ لا شيء يوقفني على قدَمَيْ رحيلكِ أو يحالفني مع الضجر الملبّد بالخسارةِ في فناء البيت، محضُ يدينِ فارغتين في أبدية ثكلى يدايَ، وإذ تداهمني عواصفُ نأيكِ الهوجاءُ تنشبُ حيرتي أظفارها كالقطة العمياءِ في الغبشِ المرائي كم أنت أجملُ في الحنينِ إليكِ، كم ذكرى النساءِ أشدّ سحراً في حساب العاشقينَ من النساءِ كم أنتِ بالغة الخفاء، كأنما تتجاوزين هشاشة الأجسامِ كي تتصالحي مع رغبة الفانينَ في ترميم ما خسروهُ من حلم البقاءِ الآن تقترب القصيدةُ من نهايتها تضيء يمامتا ذكراكِ في غبشِ الظهيرةِ كالنجومِ المستعادةِ من صراخ الليلِ والنسيانُ يرفع ذلك الاسم الخماسيّ المبالغ في تهدّجهِ على خشب الشحوبِ لا بدّ من هذا الفراق إذن فأدرك أنني أعمى بدونكِ، أنني النصفُ الضريرُ من التماعكِ في الحصى الغافي وحصة حاجبيكِ من انحناءِ الشمسِ في قوس الغروبِ لو كانت الأحلامُ أصدقَ من حنين الحالمينَ لو القصائدُ لا تخون مؤلفيها حين ينقلب الغناء على المغنّي لاختلطتُ على أنينكِ في فم القيعانِ كالوتر الكذوبِ صفراءُ ريحكِ في يباس الفقدِ، أصفرُ ذلك الخفر المغطّى بالبثورِ على ملامحكِ المطلةِ من غبار الأمس، أيتها الشبيهة بانبلاج يد ملوِّحة على غرق الكتابة، والتظاهرة الأخيرةُ للوداعةِ في تفتحها على الآلام كيف أُجيد تهجئة الروائحِ دون عطركِ؟ كيف أُفلح في احتساب الوقت؟ كيف أعيد تهدئة الأسرّةِ والوسائدِ، أو أعدّ على الأصابعِ ما تناثر من هبوبكِ فوق صفصاف الجنوبِ؟ صدئٌ نحاسُ الوقتِ، فحميّ صدى الأجراس، مذبوحٌ شعاع الشمس فوق أريكة الماضي، الشتاءُ بلا يديكِ الطفلتينِ يخرّ كالسحب القتيلة عند أقدام الجبالِ والبيتُ تنخرهُ الملوحةُ، حيث لا قدماكِ في أرجائهِ تتبادلانِ مهمة الطيرانِ فوق رتابة الساعات، لا كفّاك تنزلقانِ عن كتف الصباحِ كرغوة الصابون، لا عيناكِ تقتسمان بُنّهما المحيّر مع ملائكة الأعالي تترأس الفوضى جمالكِ وهو يمعن في تصايحهِ مع الغربان فيما لا يُرى مني سوى أسمالِ ما خلّفتِ من وجع تخثّرهُ الشهور على الظلالِ في أي نهر تهرقين الآن فاكهة اشتهائكِ، أي صيف دائم الجريان يبزغ مثل تغريد العنادلِ من مسيل خطاكِ في الأيام ثم ينام نوم الحوْرِ في ريح الشمالِ الآن تقترب القصيدة من نهايتها إذن ستلفّق الكلماتِ لي ندماً يناسب جسمكِ المغدور في المرآةِ والمنذور في المعنى لأسئلةِ الوجوهِ تطأ النعومةُ نفسها في ماء فتنتكِ الأليفِ وينتشي بلعاب نأيكِ سمّها الليليّ، وجهكِ سادرٌ في فجره العاري ونهدكِ يستريح الآن في كنف استدارتهِ بعيداً عن شهيق يديّ ثم يفوح كالقمر الرضيعِ على الورودِ ستلفّق الكلماتُ أفئدةً ملائمةً لعجزي، دون هاتفك المعطّلِ، عن مفاتحةِ الصباحِ بما يلائم من شرودي ومجرّةً مشفوعةً بهديلها لمرور شعركِ في حقول القمحِ وهو يهبّ مثل كنائس تعبى على خبز المناولةِ المقدّسِ أو يؤلّب نوم تفاح الجرودِ على الجرودِ عبثاً أردّ على تنفسكِ المثلّم بالنشيجِ غلالة الهذيان أو أرفو شغوركِ في المكانِ بخيط حكمتيَ الضرير، وأستردّ من الحياةِ، وقد أضاءتْ في ابتهال آخرٍ، أضغاثَ كوكبها الولودِ لو كان ثمة ما يقالُ، أرقّ مما قاله العشاقُ من قبلي، لخلّصتُ العبارة من تلعثمها وذبتُ من الحنينِ كما يذوبُ النايُ في القصب البعيدِ الآن تقترب القصيدة من نهايتها ليبتكر الوداعُ مرافئاً مفقوءة الأمواج للزمن الذي يأتي وأعواما تلوّح كالمناديل القديمةِ في محطات تطولُ بلا قطارِ ما كان هذا الحبّ غير تلمسِ المجهولِ في المرئيّ والنفق الذي يجتازهُ جسدانِ مخمورانِ، منحنييْنِ، في البحث العقيم عن الفرارِ ما كان هذا الحبّ غير تبادلِ الأعمار بين اثنينِ، والصوتِ المضاعفِ للجمال الغضّ وهو يعيد تضميد الفراغِ بما يليقُ من الغبارِ كم أنتِ نائيةٌ وفاتنة الغيابِ ولا يليكِ من الظهورِ سوى الحجاب، ومن حلولكِ في الخريفِ سوى انحلالي كالدموعِ على سفوحكِ واتحادي بالخرافةِ كي أزحزح صخرة الرؤيا وأُبعث، كالمسيح الحي، من قاع انتظاري .@ الزنزلخت
برهافة امرأة يداهمها النعاس على الأريكة يستقلّ الزنزلخت جذوعه التعبى ليلتمس الإقامة تحت شمس خائره مغرورقاً أبداً بما ينسابُ من عرق الجباه على الحنينِ وما يفيض عن المنازل من نفاياتٍ ومن تعب السنين الجائره يغضي على نزواته كفتىً طريّ العود داهمه البلوغُ، ويستبدّ بروحه حيناً جموح صارخ لتلقف الشهوات من أوكارها الأولى فيصهل حين ترمقه فتاة ما بنظرتها ويجمح فوق قائمة الصبابات الوحيدة مثل سرب من خيول لم تروّض ثم يدرك أنه، كبقية الأشجار، محض تطلّع أعمى إلى جسد الحياة، فيستعيد هدوءه الدهريّ منطوياً على أغصانه الخجلى وما تذروه من وجع على عينيه أفئدة الرياح الشاغره الزنزلخت عصارة الأحلام تأليف موسيقيّ الخشوع لما ترسبّه المناحات الأليفة فوق مجرى الدمع، يولد من رياح غضة الأيدي ويسلم نفسه، كرموش عينيْ طفلة مجهولة الأبوين، للمجهول ثم، كمن تذكّر فجأة حباً مضى يرتدّ ثانية ليجمع تحت أثقل خيبة أوراقه المتناثره لنسيجه طعم الفراق المرّ، تسرف في تناوله النساء إذا وقعن على حبيب لا يجيء، كأنه، وهو الذي لا يحسن الإفصاح لا يلوي على تمر من الأثمار بل يرنو مريضاً نحو نافذة الحياة الخاسرة لكأنه شجر لغير زماننا ولذا يظل بمأمن قبضة المتربصين به غريباً لا تهش له الجرود ولا تبادله الروائح نفثة من عطرها المشبوب، لا فصل يليق بما تكابد نفسه لكنه يصل الفصول ببعضها، مخضوضراً أبداً يظل الزنزلخت ويرتمي متهالك الأنفاس في حضن النجوم الغائره الزنزلخت نزوعنا الصيفي للنسيان، تكرارٌ عديم الشكل للتحليق فوق الموت، ينهض كل يوم من مخابئه ليسقي جنة أبدية الأقمار تلمع فوق ريف العين، وهو الجانب المرئي من لون الغياب وطائر غض له شكل النبات يطير بلا جناح في صباحات القرى ليغط في صحو بعيد الغور أو ليصير عند رحيله خشباً لبيت الذاكره
السنديان
هو أكثر الأشجار تعويلاً على ما فات، عكّاز الطفولة والثغاء الأوليّ لماعز الماضي ولا تحتاج غصته إلى برهان لنراه تلزمنا مناديلٌ تلوّح من بعيد للسواقي البيض، أحلامٌ لتبديد المخاوف حول موقده الأليف وعدة لتسلق السنوات حين نشيخ كالأمثال تحت نشيجها الواهي وتلزمنا معاول صلبة الأيدي لنبحث، حيث يفترض النبات مقابر الأسلاف، عن شجر نبادله الجذوع وعن هواء كامل النسيان السنديان ظهيرنا البريّ لا شجر يعمّر في القرى إلا بإذن منه، لا جرس يدندن في السفوح بغير نخوته وتمتحن الفحولة نفسها بجماله الظمآن السنديان رحيلنا الفطريّ في طرق مؤبدة الشكوك فحين يلوح قرص الشمس أخضر في الظهيرة ينتشي طرباً، وحين تمرّر فوقه الذكرى جدائلها الطويلة يستبدّ به أنين شاعري الرجع يُسكر صوتُه الوديان لكنّ في دمه الغضوب بريق أفراس تحمحم في الهواء ولن يكون بمستطاع الريح في الفلوات أن تلوي عزيمته فليس يموت إلا واقفاً ويظل رغم سقوطه متوثباً كتوثب النيران في الصوان للسنديان طبيعتان: ضراوة شتوية للانقضاض على دم المعنى، وتوق مستمر للتحلق حول صيف الشكل وهو يضيء بينهما ممراً ضيق الخطوات بين الوحش والإنسان
الخرّوب
ذات سماء ما زرقاء ويانعة، كانت تتدفق موسيقى الأكوان على الأكوان ولم تكن الأشجار سوى ريح خالصة الخيبة نائمة في ناي مثقوب ذات سماء ما كان هلالان شقيقان يطلان على الأرض من الأعلى ويضيئان معاً شرفات دامعة الأهداب وأودية بيضاء وأسمال بيوت ودخان حروب لم يحدث عبر الأزمان أن افترقا بل طفقا يثبان كجديين معاً بين الأيام، معاً رضعا من نهد الشمس حليب أمومتهما الصافي ومعاً كانا يبتاعان غيوماً من أسواق الغيم السوداء لتستر عريهما الفضي وأوشاماً... وندوب لكن، في أحد الأسحار، تصدّت لهما نجمة صبح خضراء وهوجاء الفتنة، مضرمة تحت حرير جمالهما الرائق عاصفة من شهوات حمرٍ، وسياطِ براكينَ ولسعِ ذنوبْ ذات سماءٍ ما كان هلالان شقيقان يسلاّن سيوفاً تصقلها الغيرة بينهما بالأنياب فيقتتلان كما لا يفعل أعتى الأعداء، اقتتلا كغزالين على نبع واقتتلا كغرابين على رمشين يفيضان سواداً، وكعودين على وتر منهوب وككأسين من الدمع اقتتلا حتى انكشفت من حولهما قيعان الأفلاك وحتى انجلت الحرب عن الغالب والمغلوب ذات سماءٍ ما كان هلال يبيضّ ككفل المهر بعيد غروب الشمس ويصبح مذ فاز بنجمته بدراً مكتمل الطلعة محمولاً فوق سماء من شغف مشبوب فيما راح الآخر يهبط نحو الأرض لكي يتقوّس كالقرن اليابس، عريان وأسود، في شجر الخروب أبواب خلفية في ذلك الركن القصيّ من الكتابة حيث أفشل في تعقب فكرة هربت من الإيقاع يحدث فجأة أن تدخل امرأة إلى المقهى وتجلس باتجاه البحر، منعكساً على المرآة كان جمالها ينحلّ في الصمت المحايد بيننا كمراكب منهوبة الأحزان، لم تتجشّم التحديق في أحد من الجلساء، لم تلحظ خلوّ يدي من الكلمات بل فتحت كتاباً، كان يرقد في حقيبتها، وغامت في تضاعيف الكتاب في ذلك الركن القصيّ من الكتابة راح يعصف بي حنين جارف للقفز فوق وجوديَ الفاني، لتمكين المجاز من التطلع نحو مصدره وتنقية الجمال من التراب متأمّلاً في وجهها، في اللامبالاة التي تعلو التفاتته إلى الأشياء، كدت أرى مجاراة الظلال لضوئه العاري النعاس كما لو أنه، متنكراً في هيئة امرأة، يجرّد جسمها الشفاف من جريانه تحت الثياب لكنني متأخراً أدركت أني لم أكن أرنو إلى أحد، فلا امرأة رأيت سوى ما يستحيل بقوة التحديق صورة ما نحب، لذا، وقد امتحنت بدون جدوى خيبة الكلمات غادرت المكان كعادتي في مثل هذا الوقت كي تأتي القصيدة في غيابي!
فراديس الوحشة
رقم القصيدة : 84172 نوع القصيدة : فصحى ملف صوتي: لا يوجد
تترامى شمسُها الخضراءُ عن بُعْدٍ
وتنأى في الدُّخان
أبداً يرتدُّ عن أبراجها الطَّرْفُ
ويعلو جذعَها المكسوَّ بالحسرةِ
صَمْغُ الهذيانِ
شاخصاً من فُرْجَةِ القلبِ
إلى فوَّهةِ البئرِ التي تغسل بالأهدابِ
أقدام بُخارى
قلت للطفلِ الذي فيَّ:
انتظرْني
ربما أبلغ في خاتمة الرحلةِ
ما لم تطأ الأحلامُ من قَبْلُ
ولم تَمْسَسْ يدانِ
وتوغَلتُ بعيداً في السماواتِ
التي تفصلني عن برقها الخائرِ،
صادقتُ مفازاتٍ
وودياناً
وصادقتُ بقايا أنهرٍ
أخمدها الوقتُ
ولم يأخذ بأيديها إلى برِّ الأمانِ
لم يكن ليلٌ لأدعو نجمهُ
بوصَلَتي في التيهِ،
أو فجرٌ
لأستقوي بما يركض من أفراسهِ
في الغبش الفضيِّ،
لا ماضٍ لكي أمضي
ولا مستقبلٌ كي أُرهف السَّمْعَ
إلى الريح التي تفتضُّ كالسِّكينِ
أحشاء الثواني
مَنْ أذن يهتف لي
من خلف هذا الحائط المجهولِ،
مَنْ أثْخَنَ رأسي بالإجابات
التي ينخرُهُا الشكُّ
وصدري بالنياشين،
و مَنْ أطلقني كالمخلبِ الخاسرِ
في هذا الرِّهانِ؟
منشباً أوردتي العزلاءَ
في ما غيَّض الرملُ من الأفئدة الظمأى
وما يخفقُ كالغربان
في ليل الحيارى
رحتُ أستقرئُ صبَّار العذاباتِ العدائيَّ
الذي ينزفُ
مثل القنفذِ المخمورِ
من جلْد الصَّحارى
فتبدَّى لي، كمن في نومه يبصر،
شيخٌ، كنتُ قد عايْنتُهُ من قبلُ
في صورة أسلافي البعيدين
ومن غاصوا إلى اللُّجةِ
مثلي،
قلت: هل تعرفُها
هل تعرفُ الدرب إلى شمس بخارى؟
وإلى الباب الذي ينشقُّ
عن أمواجها الزُّرْقِ،
وهل يتسَّع العمرُ لكي أبلغها يوماً
وتُعشي ضوءَ عينيَّ
المناراتُ العذارى
قال: إني عائدٌ منها
ولا شيء بها مما تظنُّ
ليس في هذا المدى الأجوفِ
إلا رممٌ منهوبةُ الاسمِ
وفَخَّارُ عظامٍ بَلِيَتْ من شدةِ القَيْظِ
وأقدامٌ تئنُّ
ما الذي أفعلُهُ
في قلب هذا النفقِ الموحشِ،
قلتُ،
وأنَّى لي أن أرى
أبراجها الغرقى
ولا نار لكي يسترشد الأعمى،
ولا نَأْمَةَ،
لاشيء سوى رَجْعِ سعالِ
البشر الفانين
والأيدي التي صارت غباراً
هي ليست في مكانٍ أو زمانٍ
أو أوانٍ تمتم الشيخُ،
هي الخمرُ التي نفقدها
في ذروةِ النشوةِ،
طَعْمُ القُبَلِ الأوَّلُ،
برقُ الشِّعر في الرأس،
الشِّتاءات التي تُعْوِلُ
في خطِّ استواءِ الروحِ،
والماسُ الإلهيُّ الذي ما أن
يعرِّي وهجه المجروحَ
للأعينِ
حتى يتوارى
كلٌّ من يبحثُ عن لَيْلاه
في الهاجرةِ الصَّماءِ
أو يصطكُّ كالمقرورِ في بريَّةِ
الفقدانِ،
أو يبكي على أندلسٍ ضاعتْ
يسميِّها بخارى
بِمَ أستهدي إذن
في ذلك التيهِ المرائي
بِمَ أستهدي،
أنا القاطع خلفي
كلَّ ما يربطني بالأرضِ
والدائرُ مثل العقربِ الأخرقِ
في هذا الهباءِ
أتحرَّى على يدٍ يومئُ لي من خلفها
ياقوتُها الغاربُ،
عن صَفَّيْ قبابٍ
تتهجَّى صدرها الغضَّ
بلا جدوى
قلا أقواسُها بانتْ
ولا الريحُ التي استصرختُها
رَدَّتْ ندائي ………….
فجأةً،
بعد اشتعال الشَّيْبِ في الرأس
تجلَّى وجهها المشروخُ كالمرآةِ
في قلب العراءِ
هارب الأطيافِ
للأرض التي غادرتُها
في مطلع العمرِ
وللماضي الذي يشهقُ كالينبوعِ
في أقصى دمائي
وتَلَفَّتُّ،
لعلِّي مدركٌ أنقاضَ
مَنْ أوْدَعْتُهُ كنز انتظاراتي
وأسمال اشتهائي
فإذا الطفل الذي في داخلي
قد شاخ
والشمس التي أقصُدُها باتت ورائي .
_________________
حسن بلم
hassanbalam
® مدير المنتدى ®
رسالة sms :
عدد المساهمات : 11575
الاٍقامة : وراء الأفق حيث لاشئ سواى وحبيبتى
العمل : مهندس
نوسا البحر :
2013-09-25, 1:18 pm
تحت الحياة تمامًا
ثمَّ أوديةٌ مجهولةٌ
وجهاتٌ لستُ أعرفها
كم زَيَّنَتْ لي سماواتي
انهمار رؤى
مازلتُ أودِعُها شعري وأنزفها
هناكَ،
حيث سفوح العيش واطئةٌ
تهبُّ نحوي موسيقى
مات عازفُها
كأنما الوهم مرآتي،
فلا طرق تسعى إليَّ
ولا أرض أحالفها
في قلبِ مجرى الأغاني
تنحني لغتي
على مياه يرائيني تَعَفُّفُها
وكلما انخسفتْ ريحٌ
على جبلٍ
فمن صدى هذياناتي أُطَفِّفُها
لي في الهواء
تماثيلٌ مموّهة
إنْ شئتُ من خلفِ ظَهْرِ العمرِ أوقِفُها
ولي افتراد جرودٍ
لم تزل أبدًا
عند الصباحِ تغطِّيني شراشِفُها
ولي قصائد في القيعانِ
ما برحتْ
تُميط عني لثامَ الصمتِ أَحْرُفُها
تحت الحياةِ تمامًا
ثم نافذة
ينأى الشتاءُ بها
والقلبُ يذرفُها
وثمَّ شمسٌ أضاءتْ في الغيابِ،
كما لو أنني
كنتُ من نفسي أؤلّفها.
_________________
حسن بلم
سماء مؤجّلة ,شعر وقصائد شوقى بزيغ,ديوان شوقى بزيغ pdf