® مدير المنتدى ® رسالة sms : عدد المساهمات : 11575 الاٍقامة : وراء الأفق حيث لاشئ سواى وحبيبتى العمل : مهندس نوسا البحر : 2013-09-05, 2:04 pm | | الغناء الحارس
وليد خازندار (فلسطين)
I
وليد خازندارلا من البحرِ ولا الصحراء لم يعد ممكناً وصولُ أحد. هواءٌ واقفٌ بين الجهاتِ كأنَّ عزيفاً لا يهتدي إلى الأبواب. تعودُ الحواراتُ وحدها تستدركُ الفروقَ بين المنازلِ ـ ألا يزالُ أحدٌ تحتَ الهدمِ واقفةٌ صيحةٌ على شفتيهِ. أطَرَفُ ثوبٍ هذا، قربَ رائحةِ الماءِ ولونهِ. من طائرٍ خفيضٍ، أو من كلمةٍ ما هو منكسرٌ يهوي وينكسرُ أكثر. تنهارُ حصونٌ أخيرةٌ حين تلتقي عينٌ بعين. القواربُ كابيةٌ على وجوهِها بين جهاتٍ مرميَّةٍ ـ كأنَّ أحداً يوشكُ أن يغنّي.
II
ما من أُلفةٍ إلاّ وصاحت هُنا من البحرِ إلى الصحراء. معونةُ أيديهم تتوزَّعُ في بناءٍ قد يكونُ الأخير ـ يتركون تدابيرهم لأيِّ نأمةٍ وينصتون إلى الفراغ. الدويُّ لم يزل يتفتَّحُ صامتاً في الهدمِ في شمسِ الساعاتِ المحروقةِ. يتراجعُ زيتٌ في شَجَرٍ مَرْميٍّ تعودُ عقاربُ، في سُرعةٍ، إلى الوراء. حواراتٌ كثيرةٌ تفحَّمَتْ على هذا النصيبِ من الأرض. الحجراتُ التي يعرفونها لا تجيءُ معهم ـ كيف أمكن مرةً بابٌ هُنا في مساءِ الخيرِ كيف ارتقى دَرَجٌ إلى الضحكاتِ السريعةِ. أتستدركُ الألفةُ الزوايا يُستعادُ بيتٌ بالحجارةِ نفسها التي هَوَتْ. معونةُ أيديهم وحدها ليس تكفي تَلْزَمُ الأغنيةُ التي انبنى عليها ما انهدم ـ يُحَرِّضونَ نافذةً ويفتحونها على المَصارعِ كوَّةً قوساً إلى ما ينتوون. ينصتون، في تمتمةٍ، إلى الفراغ. يوَتِّرون خيوطَهم، يُعَشِّقون حَجَراً بحَجَرٍ ـ ما أن تتشكَّلَ زاويةٌ حتى تبدأُ السُكنى.
III
صِفَةٌ للضوءِ في كُلِّ سهرةٍ من البحرِ والصحراء ـ أيُّ أملٍ، أيَّةُ رؤيا لم تزل تلازمكم. البساتينُ آنها في عملِ السِّرِّ كأسُ الثمارِ المحجوبةِ خاطرٌ، إطراقةٌ ـ كأنَّ أحداً يوشكُ أن يغنّي. قد يتخفَّفُ غيمٌ في أنحاءِ الخوفِ المعبورةِ يقطرُ شجرٌ ساكنٌ ـ عينٌ واحدةٌ كبيرةٌ تسبرُ الشوارعَ عرباتٌ عمياءُ تخبطُ في أيِّ وقتٍ تشاء. تدورُ بكم كلماتٌ لم تزل تُصغي يتدوَّرُ المعنى، مثلَ لؤلؤةٍ، وينغلقُ ـ مقاصدُ مرسلةٌ في مجازاتٍ قريبةٍ لا يعرفُها غيرُ عابرٍ من الخيالِ نفسهِ. يُجَنِّحُ صوتٌ حتى تكاد روحٌ تطيرُ فلا يترجَّعُ في النبرِ غيرُ السياج. لكنَّ الغناءَ حارسٌ سَيِّدُ المنازلِ الذي يبيتُ في العراء ـ من لازمةٍ في وقتها نَبْرٌ واحدٌ الأيامُ الخفيضةُ لاتعودُ أيّامَكم حتى السكوتُ يعلو، بين المطالعِ بما ليس في الأغنية. الروحُ نفسُها، عَلَتْ وسادت. معجزةُ أنَّكم معاً وقد ينكسرُ كُلُّ شيءٍ إلاّ خواطرَكم. سائرون في أصواتِكم غناءٌ بشفاهٍ ناشفةٍ أقرب إلى السماءِ، إلى الترابِ من الأيامِ كُلِّها. كلامُكم كبيرٌ ولستم خائفين صيغةٌ قَطْعٌ لما قيلَ في رخاوةٍ قبلكم تنشرون في صحفِ الهواءِ لم يقرأ لكم أحدٌ قبلَ هذا. ماءَ زهرٌ وماءَ نارٌ غناءٌ بجروحٍ كثيرةٍ المعاني مرميَّةٌ على الطرقات ـ لكنَّ الصمتَ يقتلُكم تستعيدون حنجرةً من النهرِ تستأنفون المُغَنِّي. أيُّ نارٍ طوَّعَتْكم جارحينَ هكذا كانت عيونُكم، إذَنْ، تُغضي على أفقٍ. حيرتُكم لتستدلوا وتنحازون إلى الساحاتِ كُلَّما احترتم. أَخْطَفُ من أن تترددوا وتختارونَ حَجَرَ الزاوية. الغِناءُ لتسهروا وتعرفون الليلَ كواحدٍ منكم. البيانُ في أوَّلِهِ وتبدأون بالوصايا ـ عيونُكم على الحدائقِ، وراءَ ما يؤلمُ تنظرون مباشرةً إلى صميم الضوء. لا تنكشفُ أسماؤكم إلاّ حين لا يمكنُ أن يناديكم أحد.
Walid Khazendar Nacionalidad: Palestina Fecha de nacimiento: E-mail: Biografia
Walid Khazendar / Palestina وليد خازندار/ فلسطين
أبناء الليل
يرونَ الأبدَ في لحظةٍ الأفقَ والحواجزَ. دون حمايةٍ، فرادى يذهبون إلى أقاصي الخيال. حين لا يرجعونَ من خطفةٍ يبقى كلامُهم.
I خطفةٌ لتنكشفَ الأرضُ غيمُها، وجهاتُها صباحُ العشياتِ الوئيدةِ الدروبُ التي تلتقي تعتمُ إذ تنحني، وتختلفُ. اشتباكُ الريحِ والأوراقِ الهدأةُ الخبيئةُ بين العصفِ والمطرِ. ثم الخفيضُ الذي على غرةٍ يعلنُ ثمرةً قد هَوَتْ: الصوتُ الأكثرُ زلزلةً منذُ الينابيع.
II الأرضُ التي في خيالهم يرونها كاملةً كما يحبونها من مجاز النهرِ في ومضةٍ إلى مجاز البحر والأشرعة. ومضةٌ تظل في ليلهم تكبو ثم ترتدُّ شاردةٌ وتأخذ العمر جانباً مؤنسةًُ جارحةًُ، نجوةٌ أو هلاك. من رأتهُ استدل امتلك، في خطفةٍ، أرضَ حيرتهِ كلها. تاه الذي أراد حسبُ أن يصل. III لكنهم خُطاهم في مذاهب الأرض، في جهاتها. وهي أرضُهم الظلُّ المديدُ للغيمة الكبيرة. الوترُ الخفيضُ هذا خلف أبوابها الريبةُ في شوارعها الصمتُ الثقيلُ بعد كل صيحةٍ كله جاء نذيرهُ في كلامهم. لكنها عاليةٌ ضجةُ الأعراس. IV في كلامهم صفةُ المنازل التي هَوَتْ والتي تبدأُ، والتي تتساندُ عطشُ الزهور تشربُ من ألوانها رجفةُ الماء الذي يريد أن يصل. كأنهم رجعُ ما ينهارُ في الجهات كلها في الغرب الذي يعتم في الشرق الذي يتصدعُ. ما الخبيءُ لكم في رياح الشمال، إذنْ أيها الأمراءُ على ما تبقَّى؟ كأنكم بلا جهةٍ من كثرة الألم. V اكتشفتم الغيابَ فاحتجتم الى الكلام. كتبتم قلقَ الجذر في أرضهِ توترَ البراعم في اختلاف موسمها وحين الأشجارُ فتحتْ لكم أوراقَها أردتم أن تكتبوا كلامَ الرعد، نوايا العاصفة. كم شمس وقمر وما تغير ما تسألون لماذا السماءُ غامضةٌ والجهاتُ لا تصلُ؟ لماذا تسرعُ الأرضُ منزلاً منزلاً والزمانُ واقفٌ يتململُ؟ لم يتفق عملُ الأرض، بعدُ، ووقعُ الأغنية. ما يزال بشرٌ دون رجعةٍ يعيشون على كلامكم. ما يزال أطفالٌ يُكسرونَ تحت سماء ثقيلة. VI كتبتم طفولتَكم، نجت وما نجوتم نوافذَكم والفجرَ أوصافَ العشيةِ والنبعَ الذي لأجل الزنبقة. ما كفَّ عشبٌ في كلامكم يجرِّبُ صخرةً ياسمينٌ يقاوم الطقسَ على السياج بذرةٌ تشقُّ معبراً نحو السماء. VII في وِجهَةٍ لا مقصدا. الوصولُ في كلامكم ذريعةُ الطريق. ما أردتم شيئاً لأنفسكم. الحقولُ للسواعدِ. السماءُ للأجنحةِ. الصباحُ لفورة البراعمِ لفورة الأولاد والبنات. الليلُ للأغنية. ما أوسع ما يملك الشعراء: كل ما لم يتحقق كل ما علت بهِ النارُ، مسجلٌ بأسمائهم. VIII فرادى لأنهم آخرُ الطرائدِ. مسارُهم صيحةٌ، كتيمٌ في الأزَل. نبرٌ والزمانُ كلام. مقامُهم ريثٌ يتعرفون بهِ، لمحاً، مصائرَهم ويتركون علامةً في كل مفترَقٍ، خيال. كلما أدركوا من قبلهم أثراً زادت متاهتُهم. دروبُهم محجوبةٌ لهم. IX يَلبسون الليلَ في حراسةٍ. في مشيئةٍ أيضاً. يكتبونَ ما تأخرَ لعلهُ يجيء. كأن في كلامهم مغازلَ يستدرجون بها خروجَ الخيطِ إلى العيد. العتمةُ الأحلكُ، العاصفةُ الأشدُّ الومضةُ، شاردةً، في ليلهم تحميهم من النهار الذي لا فجرَ فيه. X والليلُ يجمعهم كأبناءِ طيشهِ فرادى، دون أسمائهم. لكنهم، من شُبهةٍ في عيونهم يعرفون بعضَهم في أُخوَّةِ الليل من قلبهِ، لا من قلوبهم يُحبُّون ويكرهون. قلوبُهم مليئةٌ شغفاً يظلُّ في أسمائهم، بعدَهم. XI تطولُ بهم إلى جذوةِ الليلِ سهرتهم. كثيرون لأنهم عشاقٌ. وحيدونَ كما لم يكن أحدٌ. أيحرسون في الليل جذر الضوءِ أم يحرسون الليلَ من صباحٍ بلا جذور؟ أتلك أخيلةٌ في العتمِ أم أن الأطفالَ عادوا ليستطعموا قليلاً من حلاوةِ الروح؟ يرسلون هواجسَهم طلائعَ. يذهبون إلى الأقصى من الليلِ بالمصابيحِ الأخيرةِ. XII سعيٌ مرهفٌ وسفرٌ بعيد لكنهم يصلون في ومضةٍ. يتركون كلمةً قبل ذهابهم: لن يمضي بعيداً من كان يعرفُ دربَ عودتهِ. يغادرون إلى الفجرِ واحدةً، في نعمة الليل، واحداً ثم يصبحون من خيوطهِ.
Biografia Walid Khazendar / Palestina وليد خازندار/ فلسطين
ولد وليد خازندار في غزة حيث أنهى دراسته الثانوية هناك . غادر غزة إلى بيروت وحصل على درجة جامعية في القانون عام 1978 م . عاش في بيروت وتونس فترة من الزمن قبل أن ينتقل مع عائلته إلى القاهرة ليستقر هناك عام 1991 م . يعد وليد خازندار شاعرا مبرزا ، ومن أكثر الشعراء الفلسطينيين دقة في صوره الشعرية ورفاهة إحساسه و التقاطه للتجربة في مناخها الأكثر شمولية . يمتاز شعره بالنضارة و الجدة و الاقتصاد في العبارة ولا يتقيد بالأوزان الشعرية العربية وهو يمزج بين العاطفة و القصد الدلالي , بين توتر العبارة الشعرية و تماسكها , بين أصالة استعاراته الشعرية و المقاربة الجديدة لموضوعاته بطريقة لم نشهدها كثيرا من قبل في الشعر العربي الحديث . ورغم أن وليد خازندار لم ينشر حتى الآن سوى مجموعتين شعريتين , [ أفعال مضارعة ] [1986] و[ غرف طائشة ] [1992] إلا أننا لا نستطيع إلا أن نعده في طليعة الشعراء الحديثين في العالم العربي يقول عنه صبحي حديدي: ينفرد وليد خازندار عن عدد كبير من مجايليه الشعراء في أنه يبدي الكثير من العناد، والكثير أيضاً من الدأب الصامت البطيء، في الحفاظ علي أسلوبية متوازنة خاصة بدأها علي نحو تجريبي في مجموعته الأولي [أفعال مضارعة] [دار ابن رشد، بيروت 1986]، ثم تابع تطويرها مقترنة بقفزات ملموسة في الشكل والخيارات الإيقاعية في مجموعته الثانية [غرف طائشة] [دار فكر، بيروت 1992]، وهو اليوم يواصل تلك الأسلوبية في مجموعته [سطوة المساء] [بيسان للنشر والإعلام، بيروت 1996]. إن المجاهدة الدائبة في تكوين خيار أسلوبي محدد ـ أيّ خيار أسلوبي ـ هي فضيلة فنّية أولاً لأنها تخرج بالنتاج إلي عراء بعيد عن الإجماع المألوف، وتطلقه في مدي أقصي من المسؤولية الفنّية أمام القارئ والمشهد الشعري، وتفرده عن سواه، وتعرّفه ضمن حدود مشروعه الذي يعلنه وليس تلك الحدود الأعمّ لجملة مشاريع متشابهة ولا تتباين إلا في التفاصيل غير الكبرى
_________________ حسن بلم | |
| |