آخر المساهمات
2024-11-06, 9:59 pm
2024-10-12, 12:21 am
2024-10-12, 12:19 am
2024-10-12, 12:14 am
2024-10-12, 12:14 am
2024-10-12, 12:13 am
2024-09-21, 5:25 pm
أحدث الصور
تصفح آخر الإعلانات
إعلانات مجانية على نوسا البحر مشدات تخسيس إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر مشدات تخسيس إعلانات مجانية على نوسا البحر

المتوحد الثائر أبو ذر الغفارى

hassanbalam
® مدير المنتدى ®
hassanbalam
رسالة sms : سيرى ببطئ ياحياة
لكى أراك بكامل النقصان حولى
كم نسيتك فى خضمك
باحثا عنى وعنك
وكلما أدركت سرا منك
قلت بقسوة
مأجهلك!!!!
ذكر
عدد المساهمات : 11575
الاٍقامة : وراء الأفق حيث لاشئ سواى وحبيبتى
العمل : مهندس
نوسا البحر : المتوحد الثائر أبو ذر الغفارى 15781612
المتوحد الثائر أبو ذر الغفارى Icon_minitime 2013-08-27, 4:38 pm
المتوحد الثائر.. «1» عمر طاهر

(1)

كان المسلمون فى طريقهم إلى تبوك، استشعر بعض منهم تخلف أشخاص بعينهم، كانوا يقولون: يا رسول الله تخلف فلان، فيأمرهم النبى بأن لا ينشغلوا بهذا الأمر، وأن يَدَعوا كل شخص وشأنه فإن كان فى هذا الشخص خير «فسيلحقه الله بكم» وإن كان به غير ذلك «فقد أراحكم الله منه».

انتهى الكلام فى هذا الموضوع إلا أن مكانة أبى ذر الغفارى التى لا تخطئها عين فتحت مجالا لدهشة أرغمت أحدهم على أن يقول: يا رسول الله لقد تخلف أبو ذر.

كانوا يتوقعون أن يصارحهم الرسول بسر غياب هذا الشخص تحديدا ،إلا أن الرسول أعاد قوله عليهم: دعوه، إن يك به خير فسيلحقه الله بكم.

فى موضع آخر بعيد كان أبو ذر فوق ظهر بعيره الهزيل، وكان أبو ذر يستحثه على السير أسرع قليلا دون فائدة، فما كان منه إلا أن سحب فوق ظهره متاعه ونزل من فوق ظهر البعير، تاركا إياه فى الصحراء ليقطع الطريق باتجاه الرسول مشيًا على قدميه، حتى يلحق به.

كان الدرب موحشا، لكنه ذكَّر أبا ذر بالأيام الخوالى.

(2)

هل ثمة فائدة من قطع الطريق سوى جنى المال؟

بدأ أبو ذر حياته قاطعا الطريق فى سياق إرث مهنى عائلى لقبيلة غفار التى كانت تتوسط طرق التجارة فى الجزيرة العربية، لم يكن أبو ذر يقطع الطريق ليسرق أو ليقتل، كان الأمر أشبه بتحصيل رسوم المرور من هذا الطريق آمنا، الأمن مقابل بعض العطايا.

فى إحدى المرات وبينما يجهز قائد قافلة قريشية رسوم المرور ليدفعها لأبى ذر سأله الأخير عن الأحوال فى مكة، فقال له الرجل: توترٌ ما يسود الأجواء هناك، بعد أن ظهر نبى برسالة جديدة تدعو للتوحيد.

طلب أبو ذر من شقيقه أن يسافر إلى مكة ليأتى بخبر صادق عن هذا النبى، فسافر.

لكن ما الذى جعل أبا ذر يهتم بالقصة؟

كان أبو ذر قبل ذلك بسنوات ثلاث لا يصلى إلا بجملة واحدة «لا إله إلا الله»، يقوم عند شروق الشمس فيصلى حتى يؤذيه حرها، فى ما بعد سأله أبو بكر: إلى أين كنت تتوجه فى صلاتك؟ ،فقال : لا أدرى.. حيثما يوجهنى الله كنت أصلى.

عاد شقيقه من مكة فسأله أبو ذر عن النبى فأخبره عن أوصافه حتى ارتسمت صورته فى ذهنه، فسأله عن رسالته، فقال: هو رجل يأمر بالخير وينهى عن الشر.

لم تشف إجابة الشقيق فضول أبى ذر، فحمل متاعه وعصاه متوجها إلى مكة ليستطلع الأمر بنفسه.

(3)

فى الطريق إلى تبوك دفعت الشمس أبا ذر إلى الاختباء قليلا فى ظل تل صغير حتى تهدأ فيعاود السير.. شعر بالعطش، ثم تذكر أنه قد سبق له أن شرب من الماء ما يكفيه سنوات طويلة فانزاح عنه الظمأ.

(4)

عندما وصل أبو ذر إلى مكة خاف أن يسأل صراحة عن النبى، كان قد استمع إلى قصص العذاب الذى يطول كل من يفتح هذا الموضوع بين أهل مكة، ظل يطوف بالحرم بحثًا عن شخص ضعيف لا يقوى على إيذائه إذا سأله عن النبى الجديد، حتى وجد شخصا نحيلا فاقترب منه دون أن يعرف أن هذا النحيل كان هو الفخ الذى وضعته قريش للغرباء فى صحن الحرم.

وقع أبو ذر فى الفخ بسهولة.

سأل النحيل: أين الصابئ الذى تتحدثون عنه؟ فصاح النحيل بكلمة السر: الصابئ؟ الصابىء؟ فاجتمع عليه القوم وأوسعوه ضربا حتى تركوه صنما من دم لا يقوى على الحركة.

لملم أبو ذر ما تبقى منه واتجه إلى بئر زمزم.

ظل ماكثا فى رحابها أكثر من ثلاثين يوما، لا طعام له إلا ماؤها، يقول إنه لم يدخل جوفه خلال هذه المدة إلا ماء زمزم، حتى سمن وتدلى بطنه أمامه ولم يشعر قط بجوع.

(5)

بلت الذكرى ريق أبى ذر وهو فى انتظار انكسار الشمس ليواصل طريقه باتجاه الرسول، وارتاحت نفسه بالضبط كما ارتاحت فى أول لقاء بينهما.

(6)

ظل أبو ذر مختبئا فى حرم البئر ثلاثين يوما يفكر ألف مرة قبل أن يسال من جديد عن النبى خوفا من أن يُقتل قبل أن يلقاه.

كان على بن أبى طالب عين الدعوة فى أنحاء مكة، كان دائم التجوال فى أنحائها بحثًا عمن هم فى مثل حال أبى ذر، التقطه فى أول مرة فمر به صامتا، فى المرة الثانية قال له على بصوت خفيض: أما آن للرجل أن يعرف مثواه بعد؟

لم يلتقط أبو ذر الرسالة فى أول مرة، لكنه ظل منتبها حتى مر به علىٌّ من جديد فكرر عليه السؤال، فقال أبو ذر: لا.

قال على: ما أمرك؟

قال أبو ذر: إن كتمت على أخبرك؟

قال على: فإنى أفعل.

قال أبو ذر: سمعت عن أنه قد خرج هنا رجل يزعم أنه نبى، أرسلت أخى ليكلمه لكن أخى رجع دون أن يقدم جملة مفيدة، فقررت أن أتقصى الأمر بنفسى.

قال على: اتبعنى.

كانت الخطة واضحة.

قال له على بن أبى طالب إنه سيسبقه بخطوات، فإذا مر الأمر بسلام دون أن يقطع طريقهم أحد الكمائن التى نصبتها قريش فلا بأس، لكن إذا استشعر على خطرًا ما فسيتوقف ويستند إلى الحائط كأنه يصلح نعله، وعلى أبى ذر فى هذه الحالة أن يستمر فى السير إلى الأبد.

يبدو أن هذه الخطة لم تنجح.

بعدها بأيام وكان القمر قد اكتمل بينما أهل مكة جميعهم يغطون فى النوم، كان أبو ذر مرابطا إلى جوار الكعبة، فاقتربت امرأتان تطوفان وتبتهلان إلى صنمى (إساف و نائلة) سمعهما أبو ذر فأطلقها ساخرة طالبا من الامرأتين أن يزوجا الصنمين إلى بعضهما.

لم تستجب المرأتين لسخرية أبى ذر فتمادى شارحا لهما كيف أن زواج إساف ونائلة سيكون ممتعا، خصوصا أن «فَرْجَيْهِمَا» من الخشب ، هنا حدث الانهيار وبدأت المرأة فى الصياح استنجادا بأىٍّ من أهل قريش لتأديب هذا الرجل.

فى تلك اللحظة كان هناك رجلان يهبطان من الجبل فى اتجاه الحرم، فما كان من أبى ذر إلا أن اختبأ بعيدا.

(غدا الحلقة الثانية)

المتوحد الثائر..« 2» عمر طاهر
نشر: 27/8/2013 1:02 م – تحديث 27/8/2013 1:02 م
(7)

فى منتصف الطريق إلى تبوك توقف المسلمون فى صحبة الرسول ونزلوا أحد المنازل ليستريحوا.

لم يخف المسلمون بينهم وبين بعضهم قلقهم بخصوص غياب أبى ذر، كانوا يعرفون أنه متمرد، ثائر، لا يعرف الدبلوماسية، جرىء بما يكفى لأن يقول عنه على بن أبى طالب فى ما بعد (لم يبق اليوم أحد لا يبالى فى الله لومة لائم غير أبى ذر، ولا نفسى) ثم ضرب بيده على صدره ليؤكد مسألة (ولا نفسى).

لكن فى الوقت نفسه يعرفون مكانة أبى ذر عند الرسول خير معرفة، كيف لا وهم الذين شاهدوه يمتطى الحمار خلف الرسول، وهم الذين شاهدوا الرسول يبتدئ أبا ذر بالكلام إذا حضر ويتفقده إذا غاب، وهم الذين سمعوها صريحة من فم الرسول (ما تقلُّ الغبراء ولا تظل الخضراء على ذى لهجة أصدق وأوفى من أبى ذر شبيه عيسى بن مريم).

فما الأمر إذن؟

(Cool

اختبأ أبو ذر عندما رأى الرجلين يقتربان من ضحيتى سخريته، سمع أحد الرجلين يسأل عن القصة فأخبرته واحدة منهن بالقصة ثم انصرفتا.

لمح أبو ذر الرجلين يستقبلان الحجر الأسود، ثم يطوفان بالكعبة، ثم شرعا فى الصلاة.

اقترب أبو ذر منهما وتأمل وجه أحدهما فى ضوء القمر فعرف أنه النبى.

انتظره حتى أنهى صلاته ثم اقترب منه فكان أول شخص يحيه بتحية الإسلام «السلام عليكم»، قال الرسول: وعليك رحمة الله، قرأ الرسول فى الشخص الواقف أمامه مسلما جديدا يتلمس الطريق.

سأله الرسول: ممن أنت؟

قال أبو ذر: من غفار.

فضرب الرسول جبهته بيده.. عرف أبو ذر أن الرسول لم يرتح لانتماء هذا الرجل إلى قبيلة قطاع الطرق.

تأكد من ذلك عندما قال الرسول متعجبا «إن الله يهدى من يشاء».

حكى أبو ذر قصته كاملة للنبى.

طلب منه النبى قبل أى شىء أن يأكل بعد ثلاثين يوما من الماء، فتكفل أبو بكر بضيافته فى هذه الليلة.

أشهر أبو ذر إسلامه بين يدى النبى، ثم طلب منه أن يكتم الأمر، (يا أبا ذر، اكتم هذا الأمر، وارجع إلى بلدك، فإن بلغك ظهورنا فأقبل).

خرج أبو ذر من عند الرسول متجها إلى صحن المسجد الحرام وقريش فيه، ثم هتف بالشهادتين، قوموا إلى هذا الصابئ.. قالت قريش، فضربوه أشد مما سبق، إلى أن ظهر العباس فى الصورة قائلا (تقتلون رجلا من قبيلة غفار، وتجارتكم وأموالكم تمر بأرضها)، فخاف أهل قريش من انتقام وحشى، خافوا على مستقبلهم، فكفوا يده عنه.

بخلاف جنى المال، كانت هذه هى الفائدة الثانية من قطع الطريق، فقد أنقذت المهنة أبا ذر من الموت، وكتبت له عمرا جديدا.

كانت الفائدة الأولى عندما علم بأمر النبى وهو يقطع الطريق، فترك كل ما فى يديه بحثا عنه حتى أصبح سادس المسلمين.

(9)

انكسرت الشمس قليلا فقام أبو ذر ليواصل المسير حتى يلحق بالنبى والمسلمين، كان خلال المسير يتأمل حياته كقاطع طريق تائب.

كنت فظا.. قال أبو ذر، وتذكر عندما سب (بلال بن رباح) وعيَّره بأمه قائلا (يا ابن السوداء).

أما سبى لبلال فقد غير طريقة حياتى إلى الأبد، قال لى الرسول بعد أن عرف القصة (إنك امرؤ فيك جاهلية)، وضعت رأسى على الأرض قائلا لـ(بلال) ضع قدمك على رقبتى، أستحثه أن يفعل ذلك وبلال يقول سامحتك غفر الله لك، ولم أسترح إلا بعد أن رأيت نظرة رضا فى عيون النبى أتبعها بقوله: (فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل، وليلبسه مما يلبس، ولا تكلفوهم ما يغلبهم، فإن كلفتموهم فأعينوهم)، من يومها أقسمت بالله أن لا ألبس إلا الثوب نفسه الذى يلبسه خادمى، ولا أطعم نفسى إلا مما أطعمه، صار هذا النوع من الناس هو قضيتى، وصرت نصيرا لهم فى كل موضع.

كنت طالب دنيا وطلبت من الرسول أن يولينى مسؤولية أو قيادة ما، لكننى لم أكن أعلم أن هلاكى فى هذه الأمنية، قال لى النبى «يا أبا ذر إنى أراك ضعيفا وإنى أحبّ لك ما أحبّ لنفسى، لا تأمرنّ على اثنين ولا تَوَلَيَّنَ مالَ يَتيمٍ»، زهدت الإمارة بعد أن قال لى النبى «إنك ضعيف وإنها أمانةٌ وإنها يوم القيامة خزْىٌ وندامة إلا مَن أخذها بحقّها وأدّى الذى عليه فيها»، ظل أبو ذر بعدها متعبدا زاهدا، قيل له بعد سنين: ألا تتخذ أرضا كما اتخذ أقرانك؟ فقال: «وما أصنع بأن أكون أميرا، وإنما يكفينى كل يوم شربة من ماء أو لبن، وفى الجمعة قَفِيزٌ من قمح».

نذر فى حضرة النبى نذرا ظل وفيا له إلى أن مات.. «كان قُوتِى على عهد رسول الله صاعًا من التمر، فلست بزائدٍ عليه حتى ألقى الله تعالى»، ذلك أنه سمع قول النبى «أَقْرَبُكُمْ مِنِّى مَجْلِسا يَوْمَ القِيَامَةِ مَنْ خَرَجَ مِنَ الدُّنْيَا كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ تَرَكْتُهُ فِيهَا».

كان النبى يعرف حرارة دماء أبى ذر فكان يقول له وكأنه يوصيه للأيام القادمة «اصبر حتى تلقانى»، وكان طلب النبى منه واضحا بأن يسمع ويطيع.

لكن هل سألحق بالمسلمين؟ سأل أبو ذر نفسه، ثم اطمأن للأمر كله أيا كان المصير.. قبل ذلك بسنوات كان قد قال للنبى: يا رسول الله، الرجل يحب القوم ولا يستطيع أن يعمل بعملهم، فقال له النبى: أنت مع مَنْ أحببت يا أبا ذر.

هو معهم إذن.

_________________
المتوحد الثائر أبو ذر الغفارى Hearts10

حسن بلم
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
hassanbalam
® مدير المنتدى ®
hassanbalam
رسالة sms : سيرى ببطئ ياحياة
لكى أراك بكامل النقصان حولى
كم نسيتك فى خضمك
باحثا عنى وعنك
وكلما أدركت سرا منك
قلت بقسوة
مأجهلك!!!!
ذكر
عدد المساهمات : 11575
الاٍقامة : وراء الأفق حيث لاشئ سواى وحبيبتى
العمل : مهندس
نوسا البحر : المتوحد الثائر أبو ذر الغفارى 15781612
المتوحد الثائر أبو ذر الغفارى Icon_minitime 2013-08-28, 9:48 am
المتوحد الثائر.. «الحلقة الثالثة والأخيرة» عمر طاهر


«10»

بينما عثمان رضى الله عنه يتولى مسؤولية الخلافة، كان أبو ذر فى الشام يقيم ويراقب فوارق تنمو وتكبر بين رجال الحكم، وعلى رأسهم معاوية بن أبى سفيان، وبين عموم المسلمين، خصوصا بعد أن تدفقت الأموال بعد الفتح من مصر وبلاد الفرس، فأثْرت نخبة من المسلمين وبقى كثيرون على حالهم.

اختار أبو ذر أن يثور للفقراء فالتفوا حوله، كان يسعى طول الوقت لجذب الأنظار إليهم، تحولت كلماته إلى شعارات تتردد فى تجمعاتهم.

كان أبو ذر يقول:

عجبت لمن لا يجد القوت فى بيته كيف لا يخرج شاهرا سيفه على الناس.

أثارت الجملة حفيظة سكان القصور واعتبروها تهديدا، فأرسلوا له العطايا والأموال، لكنه انتصر للفقراء من جديد.

قال أبو ذر:

لا حاجة لى فى دنياكم.

ثم زادهم من الشعر بيتًا فقال:

إذا سافر الفقر إلى مكانٍ ما قال الكفر خذنى معك.

كان أبو ذر يحمل الكبار مسؤولية أن يفقد الفقراء دنياهم ودينهم، فأرسل معاوية إلى عثمان رسالة يقول فيها «إن أبا ذر قد أفسد الناس فى الشام»، فطلب إليه أن يقابله ويناقشه.

دخل أبو ذر على معاوية قائلا: أذكّرك بقول الله «وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِى سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ»، قال معاوية: نزلت فى أهل الكتاب.

قال أبو ذر: نزلت فيهم وفينا.

استرجع أبو ذر مهاراته القديمة فى قطع الطريق، فشعر معاوية أنه لا منفذ للهروب من مواجهة هذا الرجل، فأرسل يجدد الشكوى لعثمان، فطلب عثمان أن يقابله بنفسه.

«11»

بينما يتأهب المسلمون للرحيل عن محطة راحتهم باتجاه تبوك، نظر أحدهم فرأى رجلا قادما من بعيد على قدميه.

فقال: يا رسول الله، هذا رجل يمشى على الطريق.

قال النبى: كُن أبا ذَرّ.

كانت ملامح الرجل تتضح ببطء كلما اقترب من المسلمين إلى أن صاح أحدهم فرحًا: هو -والله- أبو ذر..

قال النبى: «رحم الله أبا ذَرّ،

يمشى وحده،

ويموت وحده،

ويُبعث وحده».

«12»

فى الطريق إلى عثمان كان أبو ذر يعيد على نفسه وصية النبى له «اسمع وأطع»، واسترجع نصيحة النبى له بالصبر فى سياقها، كان النبى قد سأله عن رد فعله إذا وجد أمراء يستأثرون بالخير، فقال أبو ذر: «إذًا والذى بعثك بالحقّ أضرب بسيفى حتى ألحق به». فقال: «أفلا أدُلّك على ما هو خير من ذلك؟ اصْبِرْ حتى تلقانى».

فى المدينة وجد أبو ذر صدًى لدعوته الثورية، فالتف حوله الفقراء من جديد، وشعر بحجم المسؤولية الملقاة فوق عاتقه بينما يدخل على خليفة المسلمين.

تناجى عثمان وأبو ذر حتى ارتفعت أصواتهما، ثم خرج أبو ذر على الناس مبتسما، فسألوه «ما لك ولأمير المؤمنين؟»، فقال: سامع مطيع.

كان عثمان قد طلب منه أن يبقى إلى جواره على أن يبذل له العطاء، إلا أن أبا ذر آثر أن يرحل بعيدا وحيدا، فطلب من عثمان أن يأذن له بالرحيل إلى «الربذة» فى شمال العراق، فأذن له.

لولا وصية النبى بالسمع والطاعة ربما تغير الأمر.

التزم أبو ذر بالوصية بينما الضغط عليه يتصاعد.

عندما استقر فى العراق بدأت تزوره وفود كثيرة طالبة منه أن يحمل راية الثورة على عثمان بن عفان، قالوا له: فعل بك الخليفة كذا وكذا، وإذا أردت نمدك بالرجال ما شئت، رأى أبو ذر وصية النبى فى كفة والفتنة فى كفة أخرى، فقال للناس:

«والله لو أن عثمان صلبنى على أطول خشبة،

أو جبل لسمعت وأطعت وصبرت واحتسبت،

ورأيت أن ذلك خيرٌ لى،

ولو سيَّرنى ما بين الأفق إلى الأفق،

لسمعت وأطعت وصبرت واحتسبت،

ورأيت أن ذلك خيرٌ لى،

ولو ردنى إلى منزلى لسمعت وأطعت وصبرت واحتسبت،

ورأيت أن ذلك خيرٌ لى».

انقطع أبو ذر عن الناس، لكن بقى يضيف من يزوره بالنصيحة.

«13»

أوصيك بحب المساكين وأن تدنو منهم.

وأن تنظر إلى من هو دونك، ولا تنظر إلى من هو فوقك.

ولا تسأل أحدا شيئا.

وصِل رحمك وإن أدبرت.

وقل الحق وإن كان مرًّا.

ولا تخَف فى الله لومة لائم.

وما تكنزه هو جمر عليك حتى تفرغه فى سبيل الله.

والمال درهمان، واحد تنفقه على عيالك، والثانى تقدمه لآخرتك، الدرهم الثالث يضرك ولا ينفعك.

وأكثِر من لا حول ولا قوة إلا بالله فهى كنز.

قال أبو ذر.

«14»

ماتت ابنته ثم ابنه، وبقى فى الربذة حيث لا أحد سوى خيمته وزوجة عجوز.

كان يلفظ أنفاسه الأخيرة وسط دموع زوجته وغلامه.

سألها عما يبكيها؟ فأخبرته كم يشق عليها أن يموت وحيدا فى أرض مقطوعة وليس لدينا ثوب يسعك كفنا.

قال أبو ذر: إذا مت، فغسّلانى وكفنانى، وضعانى على الطريق، فأول ركب يمرون بكما فقولا: هذا أبو ذر.

فلما مات فعلَا ما أمر به.

بعد قليل مر عبد الله بن مسعود مع جماعة من أهل الكوفة، رأى المشهد فقال: ما هذا؟

قال الغلام: هذا أبو ذرّ صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأعينونا على دفنه.

صلى عليه ابن مسعود ودفنه، ثم وقف أمام قبره يبكى قائلا: صدقت يا رسول الله.. مشى وحده.. ومات وحده.

(من كتاب «أثر النبى».. يصدر قريبا)

_________________
المتوحد الثائر أبو ذر الغفارى Hearts10

حسن بلم
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

المتوحد الثائر أبو ذر الغفارى

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة

مواضيع مماثلة

-
» تحميل حلقة الثائر الحق للامام محمد متولى الشعراوى الحلقة الكاملة

صفحة 1 من اصل 1
نوسا البحر :: منتديات عامة :: المنتدى الاسلامى

حفظ البيانات | نسيت كلمة السر؟

حسن بلم | دليل نوسا | برامج نوسا | هوانم نوسا | مكتبة نوسا البحر | سوق نوسا | قصائد ملتهبة | إيروتيكا | ألعاب نوسا