® مدير المنتدى ® رسالة sms : عدد المساهمات : 11575 الاٍقامة : وراء الأفق حيث لاشئ سواى وحبيبتى العمل : مهندس نوسا البحر : 2013-07-29, 1:20 pm | | عباس بيضون (لبنان)
I
التمثال
التماثيل سيتعبون من عدها سيضجرون من رؤية الدبابات تلتقمها ومن جر جثثها في الشوارع سيكون هناك ما يكفي من العمالقة وسيزهق الأطفال من تعذيبها سيكون هناك حتى الغثيان دائماً صدام آخر أو جثة تشبهه إذا حطمت الشخص نفسه مئة مرة سيكون هذا ثرثرة زائدة أو نوعاً غريباً من العبادة سيغدو العنف أكثر من الكذب سيكون رخيصاً كالمرض وسيتحول الغضب ماءً في الشوارع إذا حطمت الشخص نفسه مئة مرة فستتبعه سيقودك عن طريق المقابر إلى وكره سيقول إنهم خطفوا دجلة والفرات الى دهليزه سيقول ان أغنيته لا تزال تفعل ان الجريمة تنعق يوماً ثم تسكت ان القتلة الكبار متنكرون كبار أيضاً إذا حطمت الشخص نفسه مئة مرة ستتكرران معاً سيقول إن القسوة لا تحتاج إلا الى كرسي ان المأساة مجرد تاج السم لا يحتاج إلى حياة ليقتل يحتاج فقط إلى آلة حبل المشنوق هو أيضاً قوة ولن يحتاج إلى حياة ليحكم الصورة المطرودة ستغدو فوق الرفوف إلهاً منزلياً المطرود سيغدو سيداً أو خادماً في الجيب إنها لحظة ليس فيها تاريخ وسنجد دائماً شيئاً ضخماً لنعبده ولا يقال هذا الرعب ثانية لا تكفي عظمة وحيدة لرواية المجزرة ملاح الموتى يقودهم بعيداً عن شطآن الأبدية ولن يستيقظوا في أي حكاية سيعومون في مستنقعاتهم الضحلة سينقطع السر ومعه أنهار كبيرة في المخيلة إنها لحظة ليس فيها تاريخ وسنجد دائماً شيئاً ضخماً لنعبده دجلة المدن تربي الأنهار لكن البحار تصنع المدن. الأنهار تفكر ولا تتحرك، ننساها ونقول إنها حقيقية أكثر على الخارطة. إذا كنا نحمل العالم في راحة يدنا فإن علينا ان نقطع خط الحياة هنا أو نزيد عقدة على خط الألم. إذا كان الجسد صندوق العالم فإننا لا نعرف ماذا يحصل مع جرح ساه أو يختفي مع برقة ظهر مفاجئة.. لا نسمع سوى تحريك الكراسي لعملية تبديل ضرورية في الذاكرة، مع ذلك نرى أحياناً في الكف عرقاً صامتاً بلا معنى ولا نفهم لماذا النهر الذي غذانا دائماً يبدو محترقاً على الخارطة.
الأخوان
الفكرة التي تكره نفسها تنقسم الى اثنتين عدوتين، لا تدري إذا كان ذلك بسبب الكره أم الألم، البداية هكذا. ستكون هناك دائماً لحظات لم يبك أحد لأجلها.. ذكريات بلا مؤلف. الفكرة التي تكره نفسها تنقسم الى أب وابن، ثم ينزل أحدهما عن الصليب ويترك للآخرين ان يكملوا الأيام الثلاثة. البداية هكذا. سيكون هناك دائماً أمور لا يتوقف أحد لأجلها، نسيانات بلا مؤلف. لم نسمع رغم ان الطرق استمر على الباب. سيكون هناك مزيد من التأخر. البداية هكذا. مكان الوجه التوأم نرى قبرين صغيرين وبدل الجريمة لن نجد سوى سريرين في الجوار.
المقص
يمر خائفاً على الجسر الذي يحمل اسمه ويقول ان من العبث أن يمشي خائفاً على جسره من العبث أن يهرب على قدميه في المدينة التي تحمل اسمه لكن العبث في النهاية هو ان الجميع لم يرجعوا من الصيد السائق يعرض قهوته.. بائع السعادة بأي ثمن. العمياء في الكوخ تعرض أقداراً بأنصاف الدنانير لكنه لن يقف في الصف ليشتري حظاً ليوم واحد. لن يحتقر صورته على قطعة المعدن إذ لم يعرف احد إذا كانت هذه أمرا بالموت أم ورقة مالية تهرأت من الاستعمال إذ يمكن ان تجد الرسالة القاتلة عند الخبّاز أو يكون الرغيف قفازاً للجريمة. في النهاية ينبغي ان تزيل آثار العنف عن الصحيفة قبل ان تقرأ أن تمسح آثار تعذيب عن الطاولة قبل أن تقوم.
II
إذا لم تقرأ اسمك في صفحة الموتى فقد تجد فقط إنذاراً قد يكون أمرا بالعودة وعليك ان تجتاز الليل بالمقلوب لتشفى بسرعة عليك ان تجتاز الحياة بالعكس ان تمر بسرعة ومراراً على ظهر القطار العائد من الإعدام. عليك ان تُضحك الموت ولن تعود بثمن أقل. ان تتصرف كفزاعة وتطارد الموتى على رجل واحدة أو كمومياء مستيقظة في تابوت زجاجي عليك ان تضحك الموت ان ترن كالصنج من العبث والقسوة ان تقتل الألم فذلك يحتاج الى سخرية كثيرة الى لسان مشقوق بالحكمة ان تقتل الألم، أن تحشو أضلاعك بمنشفة ان تعيش كفأل صغير من الصباح الى المساء ان تتسلم حباتك أنصافاً وقروشاً وبالبطاقة الرعب قد يكون في برتقالة ان كنت حكيماً فاقطعها بحذر قد تجد رأسك مشطوراً اسمع قلبك بحذر أيضا قد يكون إنذاراً كاذباً أو أمرا بالعودة.
III
لا يَطلب من الصمت أن يكون جريمة لكنه يخنق رجلا وحيدا في زنزانة لكي لا يسمع مجددا صوت غريزته لابتلاعه المنجل بالتأكيد ناسكه الأثير المقص يقطع وهو صائم يكسر طعم الغثيان برقاقات الأرق وتظل رائحة اللحم الرطب تصعد من بئر الحياة المفتوح عليه أن يردم، ومهما فعل، الحياة كما تعلم مستنقع كبير يكسر الغثيان برقاقات الأرق لكنه لن يكون مسيطرا كلسان المنجل ما داموا حوله ولم يتم ترحيلهم في حفر واسعة الغثيان ممزوجا بالشاي والتبغ الكوبي هو أيضا طعم الأحشاء والأفكار الليلية وهو يقول أخرجوا كل هذا القرف من منزلي العالم مليء بالقمامة والحقائب إني أفضل كلابي يبيضون ويتركون قذارتهم في كل مكان الخيانة تخرج من الأحشاء وشقوق الرأس علي أن أردم ومهما فعلت، الحياة مستنقع كبير الأعداء لا يموتون. للكراهية وقت.إنها نظيفة وبلا رائحة لكنها تبدل دائما مواعيدها القدر يتنكر باستمرار إنه يفضل أن يلعب الجريمة تهريج على الحياة والرعب مضحك بمجرد أن يغير عينيه يمكن حمل البشر في قدور كبيرة أو تسميمهم بألغاز مبهجة الغثيان ممزوجا بالليمون والأرق والعالم لا يتوقف عن الشخير والغناء في الأسفل ولن يكون مسيطرا ما داموا حوله ولم يتم ترحيلهم في حفر واسعة يقول إنك لا تخيف بدون أن تعتذر من أسلحتك وبدون أن تجدد العهد مع النظافة والصمت بدون أن تداوي العالم ذا الرأس الغبية وترسل سمكة ميتة الى الحياة المكروهة.
IV
بانوراما المشانق لن تظل باهرة فحين تقتل الألم تقتل المخيلة القدر يتنكر باستمرار. يلعب باستمرار لكنه لا يستطيع أن يضيف شيئا لكلمة قتل لا صورة واحدة للكراهية ولا تمثالا واحدا للطاغية القدر نفسه لا يجد صورة سوى أن يظهر نفسه مستعدا ليخسر أو ليراهن على أمر أقل حتمية في الواقع لا ندري متى يحضر المتسول أو الذي لم يولد لأمه من رواية مسروقة الموت ليس صادقا بما يكفي لكنه لن يضحك أيضا من ميكانيكا الرعب ورؤية الطبيب البدين مطاردا الأرواح على رجل واحدة ستكون الحياة بعيدة جدا حين نقتلها ولن نسمع روحا تبكي لن تجد ذاكرة لذلك سيحصل الذي لا اسم له ولن يكون شبحا لن يغدو المنجل إلهاً بالطبع لكن الجريمة لا تحتاج بعد الى سيد لن يكون أحد هنا ليفكر، الطاغية هو فكرته فقط ليس سوى اليد التي أكلت السلطة العين التي أكلت الرعب سوى حلمه بأن يجر العالم في سلسلة مفاتيحه ويوحّد القدر مع ساعة الحائط.
لبنان - عباس بيضون
طاولة وزجاجتان من البارحة. الأمواج كانت تبصق هناك، وفي الصباح، هلال بياض جاف حول أشياء خضراء، وبقع. الأطفال كانوا ينقلون الزبد إلى دورهم، و أنا نقلت تلك الموجة طوال الليل، وعلى البشرة تركت هلالاً ابيض. زجاجتان تلوحان أطول في المساء، قبالة الشخصين النصفين يطلان من وسط المياه. وحين ابدأ اصفي الحفيف من السرير الخالي، يمتلآن على مهل، ويطفح البحر منهما.
الباب
الدخول الى الخيمة لا يحتاج الى دعوة. الخيمة على الطريق وأنا لست عابراً ولا مقيماً ولا احداً. سخيف أن أسأل من أنا بالنسبة للذين يقفون على التمثال، او يسترخون قرب النار او حتى بالنسبة للاتصال الذي وصل ضعيفاً من الهاتف الخليوي وترك مكانه رقماً لا أعرفه. لا باب هنا. هذا ما يصعب عليّ التعامل معه مثلما لا اعرف كيف اجيب عينين اصرح من شمس آب. لا باب هنا وعليك ان تفعل ذلك بنفسك. ان تقرع بيدك على ظهر زميلك. ان تدخل توا في عينين واسعتين. ان تنام على الربيع تحت علم. ان تجد نهاية سعيدة مرقومة بالنيون على جبهة جارك، وتعلم انها نكتتك على نفسك، ان ترد لك الريح شتيمتك مرتين وتسمع ضحكتك المبجلة في الجانب الآخر. ثم إن شيئا يتحرك كمصراع في زاوية كتفك، كمصراع في خشب ظهرك يدور ويدخل الهواء الذي لا لون له ويحرر المكان، حيث ينظر اليك مانيكان بناية بعصابة من ثلاثة الوان على عينه العوراء.
التظاهرة
رافعو الاعلام يلوحون بها لبعضهم البعض ولقرد ينط على الاكتاف كالبهلوان. الذي بلغ رأس التمثال فك الأحجية بمجرد وصوله وراح يلوح من هناك كقرد قارئ للحظ. آلاف الرايات ترفرف فوق الجموع قوية وكاملة وطاردة للشر. <<الحقيقة>> تنفجر بضحكة هائلة على القماش. انها تخيف المتظاهرين لكنهم يستمرون في الرقص تحتها. يخشون ان تكون مريضة وان يكون لها فقط شكل الحفرة التي احدثها الانفجار. يهزجون <<حرية، سيادة، استقلال>> كما يتلاعبون بتفاحات ثلاث، يصرخون <<حقيقة>> برهبة كما لو يعيدونها الى الحفرة التي خرجت منها. الذي نام تحت العلم مطعونا بصاروخ ورقي يتذوق الثمة الملساء لنفسه، قلب يؤكل بسهولة مع شريطه الازرق. تلك سعادة ان يتذوق لأول مرة الطعم الحقيقي لأحشائه. في حلبة الهتاف يبقون عابسين تحت قَسَمٍ فادح. يُعَلّون اصواتهم كما لو كانوا يرفعون اثقالا. هناك ايضا جنود المتاهة الذين يطوّفون قطعات في هجرة لا تجد مخرجا. الساحة امتلأت وكل يحسب انه الاخير ولا بأس من ان يفكر بنفسه ما دامت الساحة طافحة وما دام زائدا. يتغلغل كالقطرة ولا بأس من ان ينشغل بحاله ما دام لا حجم له وليس احدا. التظاهرة تمتصه وتدفعه الى الأمام وعليه فقط ان ينسرب وراء رتل هابط، وراء مراهقين يفترشون اعلامهم، ومن عجب انه يجد بقعة خالية، نقطة مفرغة ليس فيها انسان وهو ايضا مر جنبها وحاذر ان يدخل فيها. اندفع شابان وردماها بأقدامهما لكن الظل انحسر وعادت من جديد حرة. السعادة لم تدعه يفكر في ذلك ولا ان يسأل عنه، هكذا اضاع الحكمة التي لم تتجلَّ له بدون قصد. لن يفاجأ بواحد يلتهم علمه بلا غبطة في وجهه فمن الصعب ابتلاع طلاء الالوان الثلاثة فضلا عن طعمها. فهم ان السعادة ليست متساوية حقا وان هذا التحرك المتعرج قلما يُتمّ دائرة. انها رقعة مليونية وثمة لعبة حية ودرج تحفظ التوازن بكثير من الحرص والانضباط، وفي لحظة يقف واحد ويقرر ان لا يصعد ابدا. الشمس تنتشر فجأة على هذا السطح العظيم الذي يظهر ايضا ضحلا. يطير طنينه المخدر عاليا ويمكن ان يمر كله في ظل طيارة عابرة. لا يخشى ان يختنق لكنه يفهم انهم يدفعون بابا خفيا ثم يهدأون قبل ان يجدوه. انها ايضا حركة الموج. تمطر عليهم بالونات واضراساً كبيرة ساقطة من النشيد الوطني العجوز. هذه شائعة اخرى بالتأكيد. احدهم يحمل شيئا بيده، قيدوم سفينة او حرفا كبيرا غير متحرك منزوعا من موتور سيارة محترقة. يأمل ان تكون الحفرة باحت بشيء او ذكرت على الاقل حرفا. يأمل ان يجدوا كل شيء في الضريح. فيما الحقيقة التي لا نعرف متى تكون وراء اصبعنا او اعيننا لا تزال شاخصة كتسونامي هائلة فوق رأس الحفرة. يشق الجمع بسهولة كأغنية. حين يخرج يتأمل وراءه الزيح الخفي الذي خطه. يراهم ينتظرون فوق الجسر نزول الحَمَل. اما الذين لم يستطيعوا الوصول فيبقون في سياراتهم الى ان يتسلموا مفاتيح التظاهرة.
شكرا
الحقيقة في يد التمثال المقطوعة لا تجيب. اما العلم المغروس في قمته فحقيقته ليست اكثر من قماشته الملونة. الفتى الذي رفعه داس بلا انتباه على حروق كالجروح، وعلى الفور لبت اعلام كثيرة، وتنادت اقدام كثيرة. لم يكن هناك دخيل واستمرت الموسيقى طوال النهار لتبقى الكلمة مرفوعة الوضوح أعمى فلم يلاحظ احد انهم يزيلون الأدلة ويغيرون معالم الجريمة، الوضوح أعمى والعَلَم لا يرى. نادوا <<حقيقة>> والحفرة لا تجيب، لكنهم رأوا اجزاء محترقة وبالرعب نفسه رأوا قلوبهم مفتوحة من خلالها. نادوا <<حقيقة>> موقنين انها بلا دفاع وان هذا سيضعفهم كثيرا في مواجهة اي شيء. كانوا يُصلّون لبرص لا يشفى. لن يسمعهم احد في مراتب الآلهة اذ ليس هناك إله للمعوقين ولا كلام ليد مقطوعة. نادوا <<حقيقة>> لكن الكلمة التي تعني ذلك بقيت على الارض. الكلمة التي تعني ذلك ابتلعت الكلمات كلها وبقيت على الارض قبرا في اللغة واسماً للنفي. انها فقط صورة الميتسوبيتشي المحترقة، وعظام السيارات، والمكان الفارغ لاسم القاتل، والدليل المسروق، والميت الذي يمشي مليئا بالحروق ليقتحم الاجتماع في الأعالي ***
قالوا <<شكرا>> بالقبضات. تأكدوا من بواريدهم وقالوا <<شكرا>>. لم يضعوا ازهارا فيها لكنهم وجدوا القلب ليقولوا <<شكرا>>. تتهكم من اللغة لكن اللغة ترد التهكم بشكل افظع. الذين وضعوا في عبارة الشكر شيئا من البارود لا يخافون ان تنفجر في ايديهم لكن ساعاتهم البيولوجية ستتوقف عندها. يبدأ الأمر بتقطيع جناحيْ كلمة. تتركها تحتضر وأنت تضحك، انه اعتداء لا يحاسبك عليه احد، لكنك بالطبع لا تعلم ان شيئا موازياً يختفي في كتابك وفي خلاياك البنفسجية. لا تعلم انك بكلمات فاقدة للذاكرة تجد نفسك في سفينة المجانين. سيكون هذا تجديفا بالتأكيد. من يبني ابراجا لا يجد الله. من يرمي عينه مقلاعا يتوقع ان يجد حجرا في عينه الثانية. ينادون <<شكرا>> والحفرة لا تجيب، انك تهزأ بالكلمة الوحيدة التي ربما سقطت من السماء. بالكلمة التي تقال بين بابين مفردة وحرة كوردة. تقال بين اثنين وبين جسدين ولا نتحايل بها على جسد الغريب. يقولها القديس لقروحه. يقولها المسافر لتوديع نفسه. لكنك تخدع قُبلة ولا تخدع كلمة. نقول شكرا ولا نبيعها. نقولها للثعالب فتقع في آذان الحراس. نقولها للأبراج المشيدة فتجبر الايمان في القلب المكسور، وقد تجبر الله نفسه. شكرا في كل وقت ولكل شيء. للشجر والبشر والحيوان. شكرا كوداعٍ للاّ أحد، كجواز الى لا مكان. الحقيقة حفرة في السماء لكن القتيل الذي يدير العالم يجيب من داخل صمته <<شكرا>>.
الجندي
من الآن أنا جندي حياتي. أخدمها كما أخدم علمي، جندي حياتي الصغير أنا، وعليّ فقط أن أمشي. وحدي مع حذائي وسأكمل. الريح أمامي. إنها تغني في صدري، وأنا أتقدم. دمي يسخن ووجودي يتفصد في قميصي وأنا أتقدم. ركبتاي صلبتان تمتلئان أسراراً وقسوة وأنا أتقدم. خطواتي ثقيلة مرصوصة، أطبع قلبي في كل خطوة، أطبع نفسي، أركلها أمامي وأتقدم. أحبس حياة تحت قدمي وأحررها كل مرة، أرفع قدري وأدميه. جندي حياتي الصغير هنا وعلي فقط أن أمشي.
* * *
شجرة تشبه حطاباً
شجرة صلعاء ينبت فوق جمجمتها شعر خشن شبه بشري، لا نأمل أن تمد أغصاناً. لقد تملكها ذلك الشكل الآدمي وهي الآن تكاد تشبه حطاباً، وبهذا الوجه الذي يسخر من نفسه في الفزاعات يمكن أن نوجهها الآن لطرد الطيور.
سيكون صعباً عليها بعد أن ترقص في الريح، أن ترفع أذيالها وتدور صاخبة. إنها تقريباً عرجاء وبشكل طبيعي كما ينبغي لشجرة تشبه حطاباً، ويجب أن تتحمل قدراً من الألم لتبقى واقفة.
ستُنبت رؤوساً بدل الأيدي وستبقى مكشرة تحت واجب غير معروف. ستمد جذورها إلى الأعلى وستكون طفيلية هناك، لكنها ستتعلم ما هو الصداع هذه المرة وتتدرب على العيش ضد نفسها وبالمقلوب، ضد نفسها وضد الريح.
ستخترقها العاصفة في صميمها وستتكلم طوال الوقت في قمتها لتمنعها من أن تنام. ستكون خشباً للصاعقة وتفهم أن هذه من الآن طبيعتها الثانية.
لن نتخيل بالطبع النهايات البالية التي تنتظر شجرة صلعاء، لكن التوازن سيكون بعد الآن صعباً وكل حركة في هذا العالم ستكون إرغاماً وتقتضي ألماً مقابلاً. إنها الآن شيطان بالنسبة لشجرة. لن تكون لها جارة سوى حفرة مهجورة لكنها، كتعويض، ستتعلم كيف تلعب مع نفسها. يمكنها الآن أن تكره أو تخاف بدون مساعدة من أحد. يكفيها أن تتأمل سحنة الحطاب التي لها وقامتها العرجاء. لقد دخلت بالخطأ، وخلافاً للطبيعة، في الوضع الإنساني.
* * *
Wissenchaftskolig
يكفي أن تصير هنا لتستحق كل شيء.
لغتك ونقودك باطلة، حياتك صُنعت في مكان آخر لكن تعال أيها الغريب تنال وتستحق كل شيء.
لن يسألك أحد عن اسمك، إن جرحاً في صدرك يعني أكثر بالتأكيد، مفتاح صغير سيعطيك كل هذه الأبواب، لا تنظر إليه حائراً كاللص، إنه ليس أكثر من مفتاح صغير. لا تخف من هذه القدرة ستنساها بعد وقت. النافذة تعطيك أيضاً الخريف والبحيرة، إنك تملك كل شيء وعليك أن تعرف متى ترده. الجمال يستمر طويلاً بعد أن نتوقف عن انتظاره، الكتب تبقى طويلاً بعد أن ننساها. تعال أيها الغريب يكفي أن تصير هنا لتستحق كل شيء.
دقيقة تأخير عن الواقع
أبواب بيروتية _________________ حسن بلم | |
| |