كثيراً ما نشاهد الساحر أو لاعب الخفة في الأفلام والمسارح وهو يحمل عصاه السحرية ويتمتم بعبارة "أبراكادبرا" Abracadabra لتحقيق الهدف السحري خلال تأديته للعرض. لكن تاريخياً كان لهذه الكلمة صلة بمعتقدات تزعم أن لها قوة شفائية إذا أخذت شكل تعويذة معدة، فوفقاً لمعتقدات قديمة تعتبر التعويذات والطلاسم وسائل لتحفيز التغييرات في حياة المرء، ولتحقيق هذه التغييرات يُعتقد بأن الطلاسم تنقل الطاقات الإيجابية، بينما تهب التعويذات الحماية للمرء من خلال إمتصاصها للطاقات السلبية، ولكن ما هو أصل هذه التعويذة ؟
أصل التسمية
هناك إختلاف حول أصل التسمية، فالبعض يعتقد أن أصل الكلمة من اللغة الآرامية، حيث تعني العبارة : " أصنع وأنا أتكلم"، والبعض يقول أنها من اللغة العبرية وتعني " أصنع مثل الكلمة"، ولكن هناك تفسير آخر يربط بين الكابالا (مذهب للتصوف اليهودي) ، وبين الكلمة وإليكم التفسير التالي :
يعتقد اليهود بأن الملك سليمان قد أسس العقيدة اليهودية السرية لمذهب الكابالا وبأنه ألف كتاباً عن السحر يدعى " مفتاح سليمان" أو "خاتم سليمان"، وذلك منذ حوالي 3000 سنة مضت. وكانت حكمة سليمان هذه وحتى يومنا هذا الأساس لجميع أشكال السحر في الغرب.
إن كلمة أبراكادابرا مأخوذة من كلمات عبرية وهي: "براشا" وتعني مباركة أو تبريكات، و"دابار" وتعني الكلمة، لذلك تعني كلمات ها-براشا-دابرا عبارة " قل تبريكات".
مثلث تعويذة أبراكابرا
مثلث أبراكادابرا الموضح في صورة القلادة هذه، حيث يحتوي على هذه الكلمة سحرية القديمة في عقيدة الكابالا وهي تتلاشى أحرفها شيئاً فشيئاً باتجاه قمة المثلث وعند كل سطر، ويجري إنقاص حرف من هذه الكلمة في كل سطر نحو الأعلى. ويرمز ذلك إلى الإختفاء البطيء للشيطان من خلال قوة التعويذة. والقلادة مصنوعة من البراس (مزيج من النحاس والزنك).
نبذة تاريخية
كان أول ظهور مسجل لكلمة أبراكادابرا في القرن الثالث الميلادي وفي كتاب Liber Medicinalis من تأليف (كوينتوس سيرينوس سامونيكوس) وكان طبيباً للإمبراطور الروماني كاراكالا حيث وصف الفصل 51 بأن المصابين بمرض الملاريا يرتدون قلادة مكتوب عليها كلمة ومصفوفة بشكل مثلث وهي تتناقص من قاعدته باتجاه قمته، ويشرح بأن قوة التعويذة هذه تبعد المرض القاتل أو تكافحه. وهناك عدد من الأباطرة الآخرين منهم (غيتا) و(ألكسندر سيفيروس) اتبعوا نفس التعليمات الطبية لـ (سيرينوس سامونيكوس) وربما ارتدوا نفس التعويذة تلك.
واستخدمت هذه التعويذة لاحقاً كوصفة سحرية من قبل الغنوصيين من أتباع طائفة باسيل، حيث رأوا فيها وسيلة لإستدعاء المعونة من الأرواح الخيرة ضد المرض وسوء الحظ.
واعتبر مثلث أبراكادابرا أحد أكثر التعويذات شهرة في التاريخ وقيل أنه يطرد الطاقات السلبية ويعطي حامله طاقة سحرية وحظ غير متوقع، وقد تقلده الفرسان في العصور الوسطى على أحزمتهم لجلب الحظ. لذلك لم تكن قلادة للزينة فحسب بل للمساعدة على تحسين حياتهم.
وكتب (دانييل ديفو) عن سكان مدينة لندن الذين كانوا يتكتبون كلمة أبراكادابرا على مداخل منازلهم لطرد المرض خلال حقبة إنتشار الطاعون الكبير في لندن.
وفي العصور الحديثة وخصوصاً في الحقبة التي عاش فيها (أليستر كراولي)، وهو ساحر وصاحب طائفة في القرن الـ 19 تعززت قوة كلمة "أبراكادابرا" حيث كان كراولي عضواً في جماعة تتعامل مع السحر يطلق عليها اسم النظام المحكم للفجر الذهبي Hermetic Order of the Golden Dawn وبعد ذلك قام بتأسيس عقيدة في السحر يطلق عليها اسم "ثيليما" Thelema واحتلت كلمة "أبراكادابرا" محور إهتمام هذه العقيدة والتي اقتبست من الكابالا والتي بدورها كانت تدرس لدى جماعة الفجر الذهبي. ووفقاً لـ كراولي فإن "أبراداكابرا" تعتبر أعظم كلمة سحرية وبأنها تملك قوة عظيمة، وقال أن لفظها الأصلي هو "أبراهادابرا".
وفي يومنا هذا يشيع إستخدام هذه الكلمة لدى عارضي ألعاب الخفة على المسارح، كذلك تستخدم هذه الكلمة للسخرية من محاولات إقتراح حلول بسيطة وساذجة لظاهرة أو مسألة معقدة.
في الأدب
استخدمت تعويذة (أفا كيدافرا) والتي توصف بـ "اللعنة المميتة" في سلسلة روايات (هاري بوتر)، وخلال مقابلة مع المؤلفة (جاي.كاي راولينغ) أمام الجمهور في مهرجان الكتب الذي أقيم في مدينة (إدينبرغ) في 15 أبريل من عام 2004، قالت عن فكرة "اللعنة المميتة" الخيالية : " هل يعلم أحدكم من أين أتت "أفادا كيدافرا" ؟ إنها لفظ قديم في اللغة الآرامية ويعني " اجعل الشيء يتحطم"، ولكن في الأصل استخدم اللفظ لمعالجة المرض، و"الشيء" المقصود في العبارة هو "المرض". لكنني قررت أن أجعل من "الشيء" شخصاً يقف أمامي، لقد درجت على أخذ كثير من أمور كهذه فأخلطها معاً مثل كرة ثم أجعلها لي".