حنان بيروتي نساء الزهور!
ثمة ظاهرةُ ملاحظة وآخذة بالانتشار عبر صفحات التواصل الاجتماعي، تتمثل في كثرة المشتركات بالأسماء المستعارة والألقاب، وغالبا ما يستعن بالزهور كصورة تعبيرية عن المشترك مما يمكن تسميتها بـ«نساء الزهور».
«نساء الزهور» إناث يخفين الاسم الصريح والهوية ولا يصرحن بغير صفة الأنوثة، ربما لأنّ الزهور بأنواعها أجمل وأبلغ ما يعبر عن رقة الأنوثة ورهافتها وشذى حضورها.
ثمة زهراتٌ يخفن من التصريح بأسمائهن الحقيقية والإفصاح عن الشخصية ويقمن بالاختفاء خلف ستار، تجد الواحدة منهن تكتب وتعبر وتتواصل وتحسن التذوق ومبادلة الآراء بكل احترام وأدب وذوق، وتتنفس حرية مسروقة ربما...
لماذا تخاف المرأة من التصريح بشخصيتها الحقيقية وتختبئ خلف اسم مستعار؟ هل ثمة ما يمنعها من التواصل والتصريح بآرائها؟ ربما هو أسلم لها وأفضل، ربما تجنُّبا لإشكاليات ترى أنها في غنى عنها، لم ينضج المجتمع لإفساح المساحة المناسبة لها كي تتواصل وتملأ فراغها، يُنظر إليها على أنها غير ناضجة، البعض يستسهل أذى المرأة ويحاصرها حتى في العالم الافتراضي.
لماذا لا تفصح المرأة أحيانا عن اسمها عبر شبكات التواصل الاجتماعي؟! أهو للحفاظ على خصوصيتها باعتبارها أنثى محكومة بقوانين شرقية صارمة؟ أم هي الخشية المشروعة من التعرُّض لإشكاليات تطول حياتها بالأذى وتجعل لهذا العالم الافتراضي بصمته السلبية على حياتها الواقعية المأزومة غالبا، والتي لا ينقصها التخلخل والخوف؟! أم هي السرية التي اعتادت أن تتعاطى بها مع الحياة حين تبحث عن منفذ أو تشرع نافذة؟ ألا تعيش مثل هذه المرأة شكلا للازدواجية وتتجرَّع إنكارا لذاتها وتمويها لشخصها وكيانها؟!
ما الذي يمنع من منحها الثقة وإفساح الحرية لها في التحرُّك الآمن الواعي ضمن الأطر الأخلاقية المتعارف عليها؟ لماذا نواصل فرض الوصاية الأخلاقية على المرأة تلك التي نشرّبها لفتياتنا الصغيرات وينشأن عليها وتصبح مفترضة ومفروضة عليهن نساء ناضجات؟!
نحتاج إلى جرعة من الجرأة والمكاشفة والصراحة والواقعية في التعاطي مع مفردات العصر الذي نعيشه ونتخبّط فيه، عصر التكنولوجيا اللاهثة التطوّر، ربما كي نتجنب أزمة أخلاقية وإحساسًا بالازدواجية وكي ننجو ببعض صدق، نحتاج إلى التصالح مع الذات وإلى الوعي وتدعيم الثقة واحترام حرية الآخر، والابتعاد عن النظر بتشكّك لكلّ نشاط تقوم به المرأة، والابتعاد عن الوصاية.