بس يا يوسف كتاب لأميرة الدسوقي حاصل على جائزة ساويرس للآداب خرج للشمس في الطبعة الأولى في يناير 2012 ثم أتت الطبعة الثانية لتكلل نجاحه في إبريل 2013
نحن الآخرون بالنسبة للآخرين الذين نخشاهم، وهم الآخرون بالنسبة للآخرين الذين هم نحن، وهناك آخرون يروننا الآخرين – نحن - والآخرون – هم- آخرون أيضًا، ولكن لماذا نحن دائمًا الآخرون الأتعس والأفقر والأكثر وجعًا، لماذا نحن الآخرون الذين ينطبق عليهم مثل «الأسوأ يحدث للآخرين فقط»، لماذا نحن الآخرون الذين يرون فعلًا.. أن الجحيم هم الآخرون
"وجودك في حياتي يضعني في حالة من البحث المحموم عن مكان آمن لعملية تدوير المشاعر بداخلي، أن يتحول إشتياقي لك لإحتياج لطبق "رز بالجمبري" وأن يتحول حبي لك إلى كره شديد للبقاء معك في مكان واحد وكميات من المشاعر المتناقضة، فأفقد القدرة على التمييز بين أصول المشاعر وبين من تم تحويرها، وهل أنا في الأصل أحبك أم أكرهك؟، هل كل ما أريده أن أراك سعيدا؟، أم أن أفعل كل ما يعذبك؟، وجودك في حياتي هو حالة من الفوضى المحببة للنفس والكريهة في نفس الوقت، نفس إحساسك تجاه غرفتك والكتب مبعثرة في كل إتجاه، والمطفأة المليئة بالسجائر وملقاة بجوار السرير والملابس في كل اتجاه، وزجاجات الفودكا الفارغة، صورة الغرفة هكذا تشعرك أن صاحبها مفعم بالحياة أو بالإكتئاب، المهم أن هناك شيئا جللا يحدث هنا، الغرف المرتبة لأصحاب النفوس الهادئة، العلاقات السوية لا تليق بأصحاب النفوس المشوهة مثلنا، وتلك حقيقة كان يجب أن أتعامل معها"
"كان فمها معبقًا برائحة الفودكا. ولم أدرِ من أين أتى طعم التوت. كانت فرحتي باكتشاف جسدها أقوى من فرحة الإنسان الأول باكتشاف الشرارة الأولى للنار. انتفاضات جسدها بين يدي كانت مثل الهزات الأرضية العنيفة التي تمحو حضارات وتطالب ببناء حضارات جديدة, صوت شهقتها كان يسير في دمي بوجع لذيذ وحرقة ونشوة لم أجربها من قبل، من بعد هذا اليوم أصبحت هناك كهرباء دائمة في جسدي, يكفي أن أضغط على الزر وأتذكر رائحة جسد رانيا, فتسير الكهرباء بلذة في جسدي, أتذكر شعرها المبعثر على وجهها الغائب في اللذة فتسير صاعقة كهربائية في جسدي"
أنا أُحب أن أقول كبشرية إنني متأكدة أني مجرد فكرة غير مبررة في إطار كوني ليس له وجود من الأساس إلا في ذهني.. أنا موجودة في أحد فصوصي الخلفية. و إن كنت تقرأ هذا الكلام فأنت معي هناك.. ببساطة شديدة ، أنتم بالنسبة لي.. أنا. أنت جزء من هذا الهوس.. هي كلها مجرد خدعة.. الأمر كله - وحياة أمي الغالية- ليس سوى خدعة أكبر من أن يستوعبها شخص لا يزال يحب أن يصدّق أن هذا كله.. حقيقي.
"اللي عيطت في حضنهم عشان ناس وجعوك.. هتعيط عشان هم وجعوك في حضن ناس تانيين هيوجعوك بعد كده.. لحد ما توصل لنقطة إنك مش عارف – أصلًا - تتحضن و انت بتعيط."
“استئناسها للوجع أصبح مثيرًا للشفقة، عدم شعورها بالوجع في بعض الأحيان أصبح موجعًا أكثر من الوجع نفسه.. السأم يؤلم أكثر لأنه بلا جدوى.. بلا انتظار.. هو «وجع» فقط.”
“هناك نقطة وصول في مكان ما، عندما تضع قدمك عليها، ستكتشف أن كل شيء محتمل مهما بلغ أقسى حدود السذاجة أو السوداوية. كل الظنون ممكنة، العاقل منها والمجنون. وقتها، لا تظن نفسك شخص وسواس. أنت فقط شخص مَرِن.”
عندما كانت «بطني تعبانة» كان الألم في «بطني»، ومن ثَمَّ كنت أتكوم عليها بباقي جسدي لأوقف الألم، ولكن الآن كل جسدي يؤلمني و ليس هناك أي أجساد أخرى تتكوم عليَّ لتوقف الألم، الألم في كل مكان، في بطني وفي صدري وفي ظهري وأكتافي، حتى أصابع قدمي – قسمًا بالله – تؤلمني.
لماذا تعج هذه الدنيا بناس على قيد الحياة يرفضون أن يعيشوا، و ناس ماتوا يرفضون أن يموتوا ؟!
أمَّا أقولك إن حضنك جِه بطلوع الروح ما تفتكرش إني ببالغ، بس كام روح لازم تطلع في كل مرة نتقابل؟!
كان الولد بائع السمك جميلًا، وأنا أعشق الجمال وأقدسه، ووجود محل عمله في طريق منزلي من إحدى المنح الإلهية التي يمنحها الله لنا، كل يوم وأنا ذاهبة إلى العمل أطل من شباك «الميكروباص»، أراه وهو يبتسم، يقوم بتحضير طلب لشخص ما، يعدل خصلات شعره، أو يقرر أن يحطمني ويشعل سيجارة خارج المطعم، إذا أشعل سيجارة في الصباح، فبالتأكيد أن تكون وجبتي في الليل «طبق رز بالجمبري».
بدأ الشعر في النمو وكان حادًّا جدًّا وقصيرًا، وكلما حاولت أن ألمسه كان ينغزني، هكذا علمت أنني إذا مشيت على أحد سوف أنغزه بجسدي المشعر. بدأت أترك غرفتي طوال الوقت مظلمة، وحاولت أن أجعل أجواءها رطبة كما تفضلها العناكب، بدأت أشعر بالأمان الشديد، وبدأت أتمرن على تلك القفزة السريعة حتى أتقنتها بعض الشيء، وكان أكثر ما يشعرني بالحزن أنني عندما أزحف على الأرض يكون لي أربع أرجل فقط، مما يجعل مشيتي ليست بهذا البطء الرائع الذي تتميز به العناكب، ولكني قلت لنفسي مَن يعلم، ربما تنبت لي أربع أرجل أخرى، وكنت سعيدة جدًّا لأن أحلامي كانت عبارة عن جلوسي وسط العناكب نلعب معًا ونأكل معًا ونتزاوج..
مأساة رب
وكأن أفكاري تنبت له في سقف حلقه كشعر الذقن، لا يكف أبي عن انتقادي وإفراغ تجاربه العقيمة على روحي، مظهره المقزز وصدره المشعر الذي لم يكن هكذا من قبل، أظنه قد أطلق لحيته بقدر لا يفسح مكانًا لينبت شعر آخر، فأخذ الشعر صدره متنفسًا له، وصار وانتشر وترعرع على رقبته، وخرج البعض من أذنه يبحث عن هواء، هذا غير الشعر الذي ينبت في سقف حلقه بسببي، والذي يجعله لا يغلق فمه أبدًا، هذا ليس السبب الوحيد في مشكلة تدلي فكه الأسفل، أعتقد هو الضغط الذي تسببه معدته - المنتفخة دائمًا - على رئتيه.
تخيلت للحظة لو كانت هناك فتاة تعيش معي أنا وأبي بعد وفاة أمي، كيف سيكون مصيرها الأليم، رجل تلبسه شيطان العقيدة، وآخر سيطر عليه الكفر بهذا الرجل، تلك المعارك النفسية التي لا يُسدل عليها الستار أبدًا، بالطبع كانت الجولات فيما مضى، عندما كنت صغيرًا، تكون كلها في صالحه، ومشهد النهاية يتكرر بدون ملل مني، بكاء، خدوش بأظافري الحادة الصغيرة على ذراعي، وفي الصباح أدعي أنني لا أتذكر ما حدث بالأمس، ويكتظ صندوق الخبرات السيئة في غرفة عقلي الباطن.
أما الآن، فالوضع في صالحي تمامًا، والنقاط التي حصلت عليها في جولاتنا لا يستطيع جيراننا أو أصدقاؤه أو أقاربنا أن يحصوها، هناك - لا أنكر - مواقف كنت أظنها تلك الضربة القاضية، وكنت بالرغم من شعوري بالفخر أشعر بالذعر من الملل الذي ينتظرني إذا انتهت تلك اللعبة.
أتذكر ذاك اليوم جيدًا، حيث ظننت أنني قضيت على مقاومته تمامًا، يومها ظللت أترقب استيقاظه من قيلولته اليومية لصلاة المغرب، وتتبعت لأول مرة خطوات وضوئه دون حنقي المعتاد، صوت تنظيفه لأنفه كأنه مزيكا تداعب أذني، والتمتمات غير المفهومة التي يرددها كأنها تعاويذ ترسل بروحي فوق السحاب، ثم مشى يكحت الأرض بقدمه، حتى وصل إلى المصلى وفردها وبدأ في عزفه المنفرد، وكلما اقتربت لحظة سجوده تزيد الحماسة في عروقي، وقفت وقتها في مكان يسمح لي بمراقبته، عندما سجد لم يظهر أنه لاحظ شيئًا، ولما رفع رأسه وسجد للمرة الثانية لاحظت بصعوبة أن ملامحه بدأت تتقلص قليلًا، وأكمل صلاته وبعد أن سلّم، أمسك بالمصلى وأخذ يشم مكان موضع رأسه عليها، ثم تحول وجهه إلى حدقتين وتلفت وراءه وكأنه يعلم أنني أراقبه، فنظرت له بتحدٍّ، وتوقعت عاصفة غضب تنفجر في وجهي، ولكنه نظر في الأرض وهو لا يزال جالسًا على السجادة وظل يردد بصوت هامس ولكن مفهوم: «آه يا ابن الكلب يا نجس»، وأخذ المصلى وظل ما يقرب من نصف ساعة يحاول إزالة السائل الأبيض المتجمد عليها، في الليل سمعت صوت بكائه، وتمنيت في الصباح عندما يرفع يده ليكبر في بداية الصلاة أن أرى أثر جروح طفيفة على ذراعه.
لسبب لا يعلمه سوى أبي، يظن أنه طالما أنجبني فهو من حقه أن يلجم عقلي وروحي بما يعتقده هو، وكأن إنجاب الأطفال إنجاز علمي يستحق أن تكافئه البشرية عليه، وكأن قذفي في هذه الحياة عمل جلل يستحق مني أن أركع تحت قدمه لأوفي له هذا الجميل العظيم. ألا يعلم أبي العزيز أنني قذفت الآلاف من الأبناء وهم يرعون بإرادة حرة في المجاري الآن، ولا يشعرون أنهم على كوكب آخر لا يفهمون لغة أهله.
وعندما مات أبي تمنيت ألا يذهب إلى الجنة التي طالما حلم بها، فليس من العدل أن يحول حياتي إلى جحيم ومكافأة له يدخل الجنة، قلت: «الله أكبر»، ثم انفجرت في ضحك هستيري، جعل كل من يصلي معي صلاة الجنازة ينظر إليَّ برعب، ولكني لم أتوقف عن الضحك وأنا أفكر في أن المرة الأولى التي أصلي فيها بضمير صاف مع الله، هي صلاة جنازة أبي.
لمن يريد شراء النسخة الورقية
الكتاب بحاليا موجود في القاهرة و الاسكندرية في الاماكن دي ...بمكتبات تنميه وعمر بوك ستورز وابجديه والعربي وليلي بوسط البلد الشروق والف وديوان وفيرجن بجميع فروعهم المهندسين مدبولي شارع الجزاير مدبولي البطل احمد عبد العزيز مدبولي سفنكس الكتب خان بالمعادي مكتبه فكره بسيتي ستارز الاسكندريه ديوان ... الشروق الف مكتبه احمد الابيض محطه الرمل مكتبه فكره مول سان سيفانو بجرين بلازا
كتاب بس يايوسف pdf [color=red]لتحميل الكتاب أضف ردّا وأعد تحميل الصفحة[/ color] ولا تعتقد أنّك بنقرة اصبع واحدة يمكن أن تعطى هذا الكتاب حقّه أنصحك بشراء نسخته الورقية فلورق هذا الكتاب أعصاب الانسان ولون الحب ورائحة تخترق حدود روحك وتحلّق بها فى سماوات أخرى
أميرة حسن الدسوقي
أميرة حسن الدسوقي خريجة آداب عين شمس و تعمل صحفية و معدة أفلام وئائقية
هذا الكتاب ليس كتابا عاديًا أو خفيفًا يمكنك أن تشتريه لتُنجر قرائته في المواصلات العامة أو إرضاءً/تشجيعا لصديقتك الكاتبة..
هذا الكتاب تركيبة نفسية ثقيلة ستجثم على قلبك و ذهنك لفترة طويلة.. لن يُمكنك أن تُحب هذا الكتاب أو على الأقل أن تتقبله ما لم تكن مجنونا/تقدر الجنون/أصبت بلوثة من الجنون/ أو على الأقل تحترم المجانين و تبجّل معاناتهم الحقيقية في العيش وسط أمثالك ممن نَجوا/ فاتَهم الجنون !
بَس يا يوسِف جرعة مكثفة من كتابة سيكولوجية. ربما يراها البعض "كتابة ثيرابي". لكني أراها عبء جديد أضافته أميرة إلى نفسها، فالجنون لا يمكن التخلص منه بالكتابة عنه. بل نُبقيه للأبد حين نعرضه على الملأ. و نوصم به!
اختيار أميرة لعنوان الكتاب موفق لأبعد حد.. و وضعها لـ بس يا يوسف كأول قصة كانت حركة جيدة منها. فبعد الصفحات الأولى من بَس يا يوسف ستكتشف ماهية هذا الكتاب و عما ستدور باقي الصفحات. أميرة لم تخدعنا، بالعكس
2013-05-02, 9:01 am
